فقال: ما يقول هؤلاء؟ قال قلنا هؤلاء قوم يعبدون الأوثان، وإن الله بعث إلينا رسولا فآمنا به وصدقناه. فقال لهم النجاشي أعبيد هم لكم؟ قالوا: لا. فقال: فلكم عليهم دين؟ قالوا لا.
قال فخلوا سبيلهم. قال فخرجنا من عنده فقال عمرو بن العاص إن هؤلاء يقولون في عيسى غير ما تقول، قال إن لم يقولوا في عيسى مثل قولي لم أدعهم في أرضي ساعة من نهار. فأرسل إلينا فكانت الدعوة الثانية أشد علينا من الأولى، قال ما يقول صاحبكم في عيسى بن مريم؟ قلنا يقول: هو روح الله وكلمته ألقاها إلى عذراء بتول، قال فأرسل فقال ادعوا لي فلان القس، وفلان الراهب. فأتاه ناس منهم فقال: ما تقولون في عيسى بن مريم؟ فقالوا أنت أعلمنا، فما تقول؟
قال النجاشي - وأخذ شيئا من الأرض - قال ما عدا عيسى ما قال هؤلاء مثل هذا، ثم قال أيؤذيكم أحدا؟ قالوا: نعم! فنادى مناد من آذى أحدا منهم فأغرموه أربعة دراهم ثم قال أيكفيكم؟ قلنا لا، فأضعفها. قال فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وظهر بها قلنا له إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ظهر وهاجر إلى المدينة، وقتل الذين كنا حدثناك عنهم، وقد أردنا الرحيل إليه، فردنا. قال نعم!
فحملنا وزودنا. ثم قال أخبر صاحبك بما صنعت إليكم، وهذا صاحبي معكم أشهد أن لا إله إلا الله وأنه رسول الله. وقل له يستغفر لي. قال جعفر: فخرجنا حتى أتينا المدينة فتلقاني رسول الله صلى الله عليه وسلم واعتنقني، ثم قال: " ما أدري أنا بفتح خيبر أفرح أم بقدوم جعفر؟ " ووافق ذلك فتح خيبر، ثم جلس فقال رسول النجاشي: هذا جعفر فسله ما صنع به صاحبنا؟ فقال نعم فعل بنا كذا وكذا وحملنا وزودنا، وشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله. وقال لي قل له يستغفر لي.
فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوضأ، ثم دعا ثلاث مرات " اللهم اغفر للنجاشي " فقال المسلمون آمين. ثم قال جعفر فقلت للرسول انطلق فأخبر صاحبك بما رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم قال ابن عساكر حسن غريب.
وأما رواية أم سلمة فقد قال يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق: حدثني الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن حارث بن هشام، عن أم سلمة رضي الله عنها. أنها قالت: لما ضاقت مكة [علينا] وأوذي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وفتنوا ورأوا ما يصيبهم من البلاء والفتنة في دينهم،