عجيب (1)، وسلوه عن رجل طواف طاف مشارق الأرض ومغاربها ما كان [نبؤه] (2)، وسلوه عن الروح ما هي؟ فإن أخبركم بذلك فهو نبي فاتبعوه، وإن لم يخبركم فإنه رجل متقول فاصنعوا في أمره ما بدا لكم. فأقبل النضر وعقبة حتى قدما على قريش فقالا: يا معشر قريش قد جئناكم بفصل ما بينكم وبين محمد، قد أمرنا أحبار يهود أن نسأله عن أمور فأخبراهم بها، فجاؤوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد أخبرنا. فسألوه عما أمروهم به. فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" أخبركم غدا بما سألتم عنه " ولم يستثن. فانصرفوا عنه ومكث رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس عشرة ليلة (3) لا يحدث له في ذلك وحيا، ولا يأتيه جبريل حتى أرجف (4) أهل مكة وقالوا: وعدنا محمد غدا واليوم خمس عشرة ليلة قد أصبحنا فيها لا يخبرنا بشئ مما سألناه عنه، وحتى أحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث الوحي عنه وشق عليه ما يتكلم به أهل مكة، ثم جاءه جبريل عليه السلام من الله عز وجل بسورة [أصحاب] (5) الكهف فيها معاتبته إياه على حزنه عليهم [وخبر] (5) ما سألوه عنه من أمر الفتية والرجل الطواف، وقال الله تعالى: (ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) [الاسراء: 85]. وقد تكلمنا على ذلك كله في التفسير مطولا فمن أراده فعليه بكشفه من هناك. ونزل قوله: (أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا) ثم شرع في تفصيل أمرهم واعترض في الوسط بتعليمه الاستثناء تحقيقا لا تعليقا في قوله:
(ولا تقولن لشئ إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت) ثم ذكر قصة موسى لتعلقها بقصة الخضر، ثم ذي القرنين ثم قال: (ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكرا) ثم شرح أمره وحكى خبره. وقال في سورة سبحان: (ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي) أي خلق عجيب من خلقه، وأمر من أمره، قال لها كوني فكانت. وليس لكم الاطلاع على كل ما خلقه، وتصوير حقيقته في نفس الامر يصعب عليكم بالنسبة إلى قدرة الله تعالى وحكمته، ولهذا قال: (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) وقد ثبت في الصحيحين (6) أن اليهود سألوا عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، فتلا عليهم هذه الآية - فإما أنها نزلت مرة ثانية أو