وهي في الهودج وكانت حاملا فيما يزعمون فطرحت (1) وبرك حموها كنانة ونثر كنانته، ثم قال والله لا يدنو مني رجل إلا وضعت فيه سهما فتكركر الناس عنه. وأتى أبو سفيان في جلة من قريش فقال: يا أيها الرجل كف عنا نبلك حتى نكلمك، فكف فأقبل أبو سفيان حتى وقف عليه فقال إنك لم تصب خرجت بالمرأة على رؤوس الناس علانية وقد عرفت مصيبتنا ونكبتنا وما دخل علينا من محمد، فيظن الناس إذ خرجت بابنته إليه علانية على رؤوس الناس من بين أظهرنا إن ذلك عن ذل أصابنا وإن ذلك ضعف منا ووهن ولعمري مالنا بحبسها من أبيها من حاجة وما لنا من نؤرة.
ولكن ارجع بالمرأة حتى إذا هدأت الأصوات وتحدث الناس أن قد رددناها فسلها سرا وألحقها بأبيها، قال ففعل. وقد ذكر ابن إسحاق أن أولئك النفر الذين ردوا زينب لما رجعوا إلى مكة قالت هند تذمهم على ذلك:
أفي السلم أعيارا جفاء وغلظة * وفي الحرب أشباه النساء العوارك وقد قيل إنها قالت ذلك للذين رجعوا من بدر بعدما قتل منهم الذين قتلوا. قال ابن إسحاق: فأقامت ليال حتى إذا هدأت الأصوات خرج بها ليلا حتى أسلمها إلى زيد بن حارثة وصاحبه فقدما بها ليلا على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد روى البيهقي في الدلائل: من طريق عمر بن عبد الله بن عروة بن الزبير عن عروة عن عائشة فذكر قصة خروجها وردهم لها ووضعها ما في بطنها وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث زيد بن حارثة وأعطاه خاتمه لتجئ معه فتلطف زيد فأعطاه راعيا من مكة فأعطى الخاتم لزينب فلما رأته عرفته فقالت من دفع إليك هذا؟ قال رجل في ظاهر مكة فخرجت زينب ليلا فركبت وراءه حتى قدم بها المدينة. قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " هي أفضل بناتي أصيبت في " قال: فبلغ ذلك علي بن الحسين بن زين العابدين فأتى عروة فقال: ما حديث بلغني أنك تحدثته؟ فقال عروة والله ما أحب أن لي ما بين المشرق والمغرب واني انتقص فاطمة حقا هولها وأما بعد ذلك [فلك] (2) أن لا أحدث به أبدا (3). قال ابن إسحاق فقال في ذلك عبد الله بن رواحة أو أبو خيثمة أخو بني سالم بن عوف. قال ابن هشام هي لأبي خيثمة:
أتاني الذي لا يقدر الناس قدره * لزينب فيهم من عقوق ومأثم وإخراجها لم يخز فيها محمد * على مأقط وبيننا عطر منشم (4)