نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها فلما تغشاها حملت حملا خفيفا فمرت به) (1) الآية وسنتكلم عليها فيما بعد أن شاء الله تعالى.
وفي الصحيحين من حديث زائدة عن ميسرة الأشجعي عن أبي حازم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " استوصوا بالنساء خيرا - فان المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج شئ في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء خيرا " لفظ البخاري.
وقد اختلف المفسرون في قوله تعالى (ولا تقربا هذه الشجرة) فقيل هي الكرم وروي عن ابن عباس وسعيد بن جبير والشعبي وجعدة بن هبيرة ومحمد بن قيس والسدي في رواية عن ابن عباس وابن مسعود وناس من الصحابة قال وتزعم يهود أنها الحنطة. وهذا مروي عن ابن عباس والحسن البصري ووهب بن منبه وعطية العوفي وأبي مالك ومحارب بن دثار و عبد الرحمن بن أبي ليلى * قال وهب والحبة منه ألين من الزبد وأحلى من العسل * وقال الثوري عن أبي حصين عن أبي مالك ولا تقربا هذه الشجرة هي النخلة * وقال ابن جريج عن مجاهد هي التينة وبه قال قتادة وابن حريج وقال أبو العالية (2) كانت شجرة من أكل منها أحدث ولا ينبغي في الجنة حدث.
وهذا الخلاف قريب * وقد أبهم الله ذكرها وتعيينها * ولو كان في ذكرها مصلحة تعود إلينا لعينها لنا كما في غيرها من المحال التي تبهم في القرآن.
وإنما الخلاف الذي ذكروه في أن هذه الجنة التي دخلها آدم هل هي في السماء أو في الأرض هو الخلاف الذي ينبغي فصله والخروج منه والجمهور على أنها هي التي في السماء وهي جنة المأوى لظاهر الآيات والأحاديث كقوله تعالى (وقلنا يا آدم أسكن أنت وزوجك الجنة) والألف واللام ليست للعموم ولا لمعهود لفظي وإنما تعود على معهود ذهني وهو المستقر شرعا من جنة المأوى وكقول موسى عليه السلام لآدم عليه السلام (علام أخرجتنا ونفسك من الجنة) الحديث كما سيأتي الكلام عليه * وروى مسلم في صحيحه من حديث أبي مالك الأشجعي واسمه سعد بن طارق عن أبي حازم سلمة بن دينار عن أبي هريرة * وأبو مالك عن ربعي عن حذيفة قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" يجمع الله الناس فيقوم المؤمن حين تزلف (3) لهم الجنة فيأتون آدم فيقولون يا أبانا استفتح لنا الجنة فيقول وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم " وذكر الحديث بطوله * وهذا فيه قوة جيدة ظاهرة