شعيب وأختان (1) موسى ". فلو صح هذا لدل على أن شعيبا من (2) موسى وأنه من قبيلة من العرب العاربة يقال لهم عنزة لا أنهم من عنزة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان فإن هؤلاء بعده بدهر طويل والله أعلم.
وفي حديث أبي ذر الذي في صحيح ابن حبان في ذكر الأنبياء والرسل قال: " أربعة من العرب هود وصالح وشعيب ونبيك يا أبا ذر " وكان بعض السلف يسمي شعيبا خطيب الأنبياء يعني لفصاحته وعلو عبارته وبلاغته في دعاية قومه إلى الايمان برسالته * وقد روى ابن إسحاق بن بشر، عن جويبر ومقاتل، عن الضحاك، عن ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكر شعيبا قال:
" ذاك خطيب الأنبياء " وكان أهل مدين كفارا يقطعون السبيل ويخيفون المارة ويعبدون الأيكة وهي شجرة من الأيك حولها غيضة ملتفة بها وكانوا من أسوء الناس معاملة يبخسون المكيال والميزان ويطففون فيها يأخذون بالزائد ويدفعون بالناقص فبعث الله فيهم رجلا منهم وهو رسول الله شعيب عليه السلام فدعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له ونهاهم عن تعاطي هذه الأفاعيل القبيحة من بخس الناس أشيائهم وإخافتهم لهم في سبلهم وطرقاتهم فآمن به بعضهم وكفر أكثرهم حتى أحل الله بهم البأس الشديد وهو الولي الحميد. كما قال تعالى (وإلى مدين أخاهم شعيبا. قال يا قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره قد جائتكم بينة من ربكم) [الشعراء: 85] أي دلالة وحجة واضحة وبرهان قاطع على صدق ما جئتكم به وإنه أرسلني وهو ما أجرى الله على يديه من المعجزات التي لم تنقل إلينا تفصيلا وان كان هذا اللفظ قد دل عليها إجمالا (فأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشيائهم ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها) [الأعراف: 85] أمرهم بالعدل ونهاهم عن الظلم وتوعدهم على خلاف ذلك فقال (ذلكم خير لكم إن كنتم مؤمنين ولا تقعدوا بكل صراط) [الأعراف: 86] أي طريق (توعدون) أي تتوعدون الناس بأخذ أموالهم من مكوس وغير ذلك وتخيفون السبل * قال السدي في تفسيره عن الصحابة (ولا تقعدوا بكل صراط توعدون) أنهم كانوا يأخذون العشور من أموال المارة * وقال إسحاق بن بشر عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال كانوا قوما طغاة بغاة يجلسون على الطريق (يبخسون الناس) يعني يعشرونهم وكانوا أول من سن ذلك (وتصدون عن سبيل الله من آمن به وتبغونها عوجا) [الأعراف: 86] فنهاهم عن قطع الطريق الحسية الدنيوية والمعنوية الدينية (واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين) ذكرهم بنعمة الله تعالى عليهم في تكثيرهم بعد القلة وحذرهم نقمة الله بهم إن خالفوا ما أرشدهم إليه ودلهم عليه كما قال لهم في القصة الأخرى (ولا تنقصوا المكيال والميزان إني أراكم بخير وإني أخاف عليكم عذاب يوم