البداية والنهاية - ابن كثير - ج ١ - الصفحة ٢١٤
شعيب وأختان (1) موسى ". فلو صح هذا لدل على أن شعيبا من (2) موسى وأنه من قبيلة من العرب العاربة يقال لهم عنزة لا أنهم من عنزة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان فإن هؤلاء بعده بدهر طويل والله أعلم.
وفي حديث أبي ذر الذي في صحيح ابن حبان في ذكر الأنبياء والرسل قال: " أربعة من العرب هود وصالح وشعيب ونبيك يا أبا ذر " وكان بعض السلف يسمي شعيبا خطيب الأنبياء يعني لفصاحته وعلو عبارته وبلاغته في دعاية قومه إلى الايمان برسالته * وقد روى ابن إسحاق بن بشر، عن جويبر ومقاتل، عن الضحاك، عن ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكر شعيبا قال:
" ذاك خطيب الأنبياء " وكان أهل مدين كفارا يقطعون السبيل ويخيفون المارة ويعبدون الأيكة وهي شجرة من الأيك حولها غيضة ملتفة بها وكانوا من أسوء الناس معاملة يبخسون المكيال والميزان ويطففون فيها يأخذون بالزائد ويدفعون بالناقص فبعث الله فيهم رجلا منهم وهو رسول الله شعيب عليه السلام فدعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له ونهاهم عن تعاطي هذه الأفاعيل القبيحة من بخس الناس أشيائهم وإخافتهم لهم في سبلهم وطرقاتهم فآمن به بعضهم وكفر أكثرهم حتى أحل الله بهم البأس الشديد وهو الولي الحميد. كما قال تعالى (وإلى مدين أخاهم شعيبا. قال يا قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره قد جائتكم بينة من ربكم) [الشعراء: 85] أي دلالة وحجة واضحة وبرهان قاطع على صدق ما جئتكم به وإنه أرسلني وهو ما أجرى الله على يديه من المعجزات التي لم تنقل إلينا تفصيلا وان كان هذا اللفظ قد دل عليها إجمالا (فأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشيائهم ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها) [الأعراف: 85] أمرهم بالعدل ونهاهم عن الظلم وتوعدهم على خلاف ذلك فقال (ذلكم خير لكم إن كنتم مؤمنين ولا تقعدوا بكل صراط) [الأعراف: 86] أي طريق (توعدون) أي تتوعدون الناس بأخذ أموالهم من مكوس وغير ذلك وتخيفون السبل * قال السدي في تفسيره عن الصحابة (ولا تقعدوا بكل صراط توعدون) أنهم كانوا يأخذون العشور من أموال المارة * وقال إسحاق بن بشر عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال كانوا قوما طغاة بغاة يجلسون على الطريق (يبخسون الناس) يعني يعشرونهم وكانوا أول من سن ذلك (وتصدون عن سبيل الله من آمن به وتبغونها عوجا) [الأعراف: 86] فنهاهم عن قطع الطريق الحسية الدنيوية والمعنوية الدينية (واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين) ذكرهم بنعمة الله تعالى عليهم في تكثيرهم بعد القلة وحذرهم نقمة الله بهم إن خالفوا ما أرشدهم إليه ودلهم عليه كما قال لهم في القصة الأخرى (ولا تنقصوا المكيال والميزان إني أراكم بخير وإني أخاف عليكم عذاب يوم

(1) أختان موسى: أصهار موسى. وفي الاستيعاب: وأحبار موسى.
(2) وفي نسخة: صهر موسى.
(٢١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المنهاج في تأليف الكتاب 5
2 فصل 9
3 فصل 10
4 وأما الكرسي 14
5 ذكر اللوح المحفوظ 15
6 ما ورد في خلق السماوات والأرض وما بينهما 16
7 ما جاء في سبع أرضين 20
8 فصل في البحار والأنهار 23
9 فصل 29
10 ذكر ما يتعلق بخلق السماوات وما فيهن من الآيات 30
11 أ - الاجماع على أن السماوات مستديرة ب - حديث سب الدهر ج - اليونانيون ودمشق د - هاروت وماروت المجرة وقوس قزح 40
12 باب ذكر خلق الملائكة وصفاتهم 41
13 فصل 52
14 فصل 60
15 باب خلق الجان وقصة الشيطان 61
16 باب خلق آدم عليه السلام 74
17 احتجاج آدم وموسى عليهما السلام 91
18 الأحاديث الواردة في خلق آدم 95
19 قصة قابيل وهابيل 103
20 وفاة آدم ووصيته إلى ابنه شيث 109
21 إدريس عليه السلام 111
22 قصة نوح عليه السلام 133
23 ذكر شئ من أخبار نوح عليه السلام 133
24 صومه عليه السلام 135
25 حجه عليه السلام 135
26 وصيته لولده 136
27 قصة هود عليه السلام 137
28 قصة صالح نبي ثمود عليه السلام 150
29 ذكر أبي رغال من بني ثمود 158
30 مرور النبي بوادي الحجر من أرض ثمود عام تبوك 159
31 قصة إبراهيم خليل الرحمن 160
32 ذكر مناظرة إبراهيم الخليل مع من ادعى الربوبية وهو أحد العبيد الضعفاء 170
33 هجرة الخليل إلى بلاد الشام ثم الديار المصرية واستقراره في الأرض المقدسة 172
34 ذكر مولد إسماعيل من هاجر 176
35 ذكر مهاجرة إبراهيم بابنه إسماعيل وأمه إلى جبل فاران وهي أرض مكة وبنائه البيت العتيق 176
36 قصة الذبيح 181
37 مولد إسحاق 185
38 بناء البيت العتيق 187
39 ذكر ثناء الله ورسوله الكريم على عبده وخليله إبراهيم 191
40 قصره في الجنة 199
41 صفة إبراهيم عليه السلام 200
42 وفاة إبراهيم وما قيل في عمره 200
43 ذكر أولاد إبراهيم الخليل 202
44 قصة مدين قوم شعيب عليه السلام 212
45 باب ذرية إبراهيم 220
46 إسماعيل عليه السلام 220
47 إسحاق بن إبراهيم عليهما الصلاة والتسليم 222
48 ما وقع من الأمور العجيبة في حياة إسرائيل 227
49 قصة نبي الله أيوب 254
50 قصة ذي الكفل 259
51 باب ذكر أمم أهلكوا بعامة 261
52 قصة قوم يس وهم أصحاب القرية 264
53 قصة يونس 267
54 فضل يونس 272
55 قصة موسى الكليم 273
56 فصل 296
57 هلاك فرعون وجنوده 309
58 امر بني إسرائيل بعد هلاك فرعون 316
59 دخول بني إسرائيل التيه وما فيه من الأمور العجيبة 323
60 سؤال الرؤية 327
61 قصة عبادتهم العجل في غيبة كليم الله عنهم 330
62 حديث آخر بمعنى ما ذكره ابن حبان 338
63 قصة بقرة بني إسرائيل 339
64 قصة موسى والخضر عليهما السلام 341
65 حديث الفتون المتضمن قصة موسى مفصلا من أولها إلى آخرها 347
66 بناء قبة الزمان 356
67 قصة قارون مع موسى عليه السلام 358
68 باب فضائل موسى عليه السلام وشمائله وصفاته ووفاته 362
69 حجته عليه السلام إلى البيت العتيق 366
70 وفاته عليه السلام 367
71 نبوة يوشع وقيامه بأعباء بني إسرائيل بعد موسى وهارون (الأسباط - بلعام - وفاة موسى وهارون - فتح أريحا) 370
72 قصتا الخضر وإلياس عليهما السلام 377
73 ذكر الاختلاف في اسم الخضر ونسبه وزمن وجوده ونبوته، وحياته إلى الآن، مفصلا 378
74 وأما الياس عليه السلام 391