أشراف الناس يأتون ابن زياد من قبل الباب الذي يلي دار الروميين والناس يسبون ابن زياد وأباه فدعا ابن زياد كثير بن شهاب الحارثي وأمره أن يخرج فيمن أطاعه من مذحج فيسير ويخذل الناس عن ابن عقيل ويخوفهم وأمر محمد بن الأشعث أن يخرج فيمن أطاعه من كندة وحضرموت فيرفع راية أمان لمن جاءه من الناس وقال مثل ذلك للقعقاع بن شور الذهلي وشبث بن ربعي التميمي وحجار بن أبجر العجلي وشمر بن ذي الجوشن الضبابي وترك وجوه الناس عنده استئناسا بهم لقلة عدد من معه.
وخرج أولئك النفر يخذلون النفر وأمر عبيد الله من عنده من الأشراف أن يشرفوا على الناس من القصر فيمنوا أهل الطاعة ويخوفوا أهل الطاعة ففعلوا فلما سمع الناس مقالة أشرافهم أخذوا يتفرقون حتى أن المرأة تأتي ابنها وأخاها وتقول انصرف الناس يكفونك ويفعل الرجل مثل ذلك فما زالوا يتفرقون حتى بقي ابن عقيل في المسجد في ثلاثين رجلا.
فلما رأى ذلك خرج متوجها نحو أبواب كندة فلما خرج [إلى] الباب لم يبق معه أحد فمضي في أزقة الكوفة لا يدري أين يذهب فانتهى إلى باب امرأة من كندة يقال لها طوعة أم ولد كانت للأشعث أعتقها فتزوجها أسيد الحضرمي فولدت له بلالا وكان بلال قد خرج مع الناس وهي تنتظره فسلم عليها ابن عقيل وطلب الماء فسقته فجلس فقالت له يا عبد الله ألم تشرب قال بلي قالت فاذهب إلى أهلك فسكت، فقالت له ثلاثا فلم يبرح فقالت سبحان الله إني لا أحل لك الجلوس على بابي فقال لها ليس لي في هذا المصر منزل ولا عشيرة فهل لك إلى أجر ومعروف ولعلي أكافئك به بعد اليوم قالت وما ذاك قال أنا مسلم بن عقيل كذبني هؤلاء القوم وغروني قالت ادخل فأدخلته بيتا في دارها وعرضت عليه العشاء فلم يتعش وجاء