العدو أنزلته بك وشكوته إليك رغبة إليك عمن سواك ففرجته وكشفته وكفيتنيه فأنت ولي كل نعمة وصاحب كل حسنة ومنتهى كل رغبة.
فلما رأى أصحاب عمر النار تلتهب في القصب نادى شمر الحسين تعجلت النار في الدنيا قبل القيامة! فعرفه الحسين فقال أنت أولي بها صليا!
ثم ركب الحسين راحلته وتقدم إلى الناس ونادى بصوت عال يسمعه كل الناس فقال: أيها الناس اسمعوا قولي ولا تعجلوني حتى أعظكم بما يجب لكم علي وحتى اعتذر إليكم من مقدمي عليكم فإن قبلتم عذري وصدقتم قولي وأنصفتموني كنتم بذلك أسعد ولم يكن لكم علي سبيل وأن لم تقبلوا مني العذر (فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلي ولا تنظرون) (إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين)! قال فلما سمع أخواته قوله بكين وصحن وارتفعت أصواتهن فأرسل إليهم أخاه العباس وابنه عليا ليسكتاهن وقال لعمري ليكثرن بكاؤهن فلما ذهبا قال لا يبعد ابن عباس وإنما قالها حين سمع بكاءهن لأنه كان نهاه أن يخرج بهن معه.
فلما سكتن حمد الله وأثنى عليه وصلى على محمد وصلى على الملائكة والأنبياء وقال ما لا يحصي كثرة فما سمع أبلغ منه ثم قال: أما بعد فانسبوني فانظروا من أنا ثم راجعوا أنفسكم فعاتبوها وانظروا هل يصلح ويحل لكم قتلي وانتهاك حرمتي ألست ابن بنت نبيكم وابن وصيه وابن عمه، وأولي المؤمنين