فقال الحسين: اللهم اقتله عطشا ولا تغفر له أبدا قال فمرض فيما بعد فكان يشرب ماء القلة ثم يقيء ثم يعود فيشرب حتى يتغرغر ثم يقيء ثم يشرب فما يروي فما زال كذلك حتى مات.
فلما اشتد العطش على الحسين وأصحابه أم أخاه العباس بن علي فسار في عشرين راجلا يحملون القرب وثلاثين فارسا فدنوا من الماء فقاتلوا عليه وملأوا القرب وعادوا، ثم بعث الحسين إلى عمرو بن سعد عمرو بن قرظة بن كعب الأنصاري أن القني الليلة بين عسكري وعسكرك فخرج إليه عمر فاجتمعا وتحادثا طويلا ثم انصرف كل واحد منهما إلى عسكره وتحدث الناس أن الحسين قال لعمر بن سعد اخرج معي إلى يزيد بن معاوية وندع العسكرين فقال عمر أخشى أن تهدم داري قال أبنيها لك خيرا منها قال تؤخذ ضياعي قال أعطيك خيرا منها من مالي بالحجاز فكره ذلك عمر.
وتحدث الناس بذلك ولم يسمعوه، وقيل بل قال له اختاروا مني واحدة من ثلاث إما إن أرجع إلى المكان الذي أقبلت منه وإما أن أضع يدي في يد يزيد بن معاوية فيري فيما بيني وبين رأيه وإما أن تسيروا بي إلى أي ثغر من ثغور المسلمين شئتم فأكون رجلا من أهله لي ما لهم وعلي ما عليهم.
وقد روي عن عقبة بن سمعان أنه قال صحبت من المدينة إلى مكة ومن مكة إلى العراق ولم أفارقه حتى قتل وسمعت جميع مخاطباته الناس إلى يوم مقتله فوالله ما أعطاهم ما يتذاكر به الناس من أنه يضع يده في يد يزيد ولا أن يسيروه إلى ثغر من ثغور المسلمين ولكنه قال دعوني أرجع إلى