ولا فرسانا أصبر ولا أشد من الفرسان الذين يقاتلونك ثم ان المهلب رجع العصر فقاتلهم كقتالهم أول مرة لا يصد كتيبة عن كتيبة وخرجت كتيبة من كتائب الخوارج لكتيبة من أصحاب المهلب فاشتد بينهم القتال إلى أن حجز بينهم الليل فقالت إحداهما للأخرى من أنتم فقال هؤلاء نحن من بني تميم وقال هؤلاء نحن من بني تميم وانصرفوا عند المساء فقال المهلب للبراء بن قبيصة كيف رأيت قوما ما يعينك عليهم إلا الله جل ثناؤه فأحسن المهلب إلى البراء وأمر له بعشرة آلاف درهم وانصرف البراء إلى الحجاج وعرفه عذر المهلب.
ثم إن المهلب قاتلهم ثمانية عشر شهرا لا يقدر منهم على شيء ثم إن عاملا لقطري على ناحية كرمان يدعى المقعطر الضبي قتل رجلا منهم فوثبت الخوارج إلى قطري وطلبوا منه أن يقيدهم من المقعطر فلم يفعل وقال إنه تأول فأخطأ التأويل ما أرى أن تقتلوه وهو في ذوي السابقة فيكم فوقع بينهم الاختلاف.
وقيل كان سبب اختلافهم ان رجلا كان في عسكرهم يعمل النصول المسمومة فيرمي بها أصحاب المهلب فشكا أصحابه منها فقال أكفيكموه فوجه رجلا من أصحابه ومعه كتاب وأمره ان يلقيه في عسكر قطري ولا يراه أحد ففعل ذلك ووقع الكتاب إلى قطري فرأى فيه أما بعد فان نصالك وصلت وقد أنفذت إليك ألف درهم فأحضر الصانع فسأله فجحد فقتله قطري فأنكر عليه عبد ربه الكبير قتله واختلفوا.
ثم وضع المهلب رجلا نصرانيا وأمره أن يقصد قطريا ويسجد له ففعل ذلك فقال له الخوارج إن هذا قد اتخذك إلها ووثب بعضهم إلى النصراني فقتله فزاد اختلافهم وفارق بعضهم قطريا ثم ولوا عبد ربه الكبير وخلعوا قطريا وبقي مع قطري منهم نحو من ربعهم أو خمسهم،