فبث صالح رسله وواعد أصحابه بالخروج إلى ذلك هلال صفر ليلة الأربعاء سنة ست وسبعين فاجتمعوا عنده تلك الليلة فسأله بعضهم عن القتال قبل الدعاء أم بعده فقال بل ندعوهم فإنه اقطع لحجتهم فقال له كيف ترى فيمن قاتلنا فظفرنا به ما تقول في دمائهم وأموالهم فقال لهم إن قتلنا وغنمنا فلنا وإن عفونا فموسع علينا.
ثم وعظ أصحابه وأمرهم بأمره وقال لهم إن أكثركم رجالة وهذه دواب لمحمد بن مروان فابدؤوا بها فاحملوا عليها رجالكم وتقووا بها على عدوكم.
فخرجوا تلك الليلة فأخذوا الدواب فاحتملوا عليهما وأقاموا بأرض دار ثلاث عشرة ليلة وتحصن منهم أهلها وأهل نصيبين وسنجار وكان خروجه وهي في مائة وعشرين وقيل وعشرة.
وبلغ محمدا مخرجهم وهو أمير الجزيرة فأرسل عدي بن عدي الكندي إليهم في ألف فارس فسار من حران فنزل دوغان وكانوا أول جيش سار إلى صالح وسار عدي وكأنه يساق إلى الموت وأرسل إلى صالح يسأله أن يخرج من هذه البلاد ويعلمه أنه يكره قتاله وكان عدي ناسكا فأعاد صالح إن كنت ترى رأينا خرجنا عنك وإلا فنرى رأينا فأرسل إليه عدي إني لا أرى رأيك ولكني أكره قتالك وقتال غيرك فقال صالح لأصحابه اركبوا فركبوا وحبس الرسول عنده ومضى بأصحابه فأتى عديا وهو يصلي الضحى فلم يشعروا إلا والخيل طالعة عليهم فما رأوها تنادوا،