ولا تقصرن في شيء من حوائجه ولا يبلغن أمير المؤمنين عنك خلاف ما تقدم فيه إليك من أمر أنس وبره وإكرامه فيبعث إليك من يضرب ظهرك ويهتك سترك ويشمت بك عدوك والقه في منزله متنصلا إليه وليكتب إلى أمير المؤمنين برضاه عنك إن شاء الله والسلام.
وبعث بالكتاب مع إسماعيل بن عبد الله مولى بني مخزوم فأتى إسماعيل أنسا بكتاب أمير المؤمنين إليه فقرأه وأتى الحجاج بالكتاب إليه فجعل يقرأه ووجهه يتغير ويتغبر وجبينه يرشح عرقا ويقول يغفر الله لأمير المؤمنين ثم اجتمع بأنس فرحب به الحجاج واعتذر إليه وقال أردت أن يعلم أهل العراق إذ كان من ابنك ما كان إذ بلغت منك ما بلغت أني إليهم بالعقوبة أسرع.
فقال أنس ما شكوت حتى بلغ مني الجهد وحتى زعمت أنا الأشرار وقد سمانا الله الأنصار وزعمت أنا أهل النفاق ونحن الذين تبوؤا الدار والايمان وسيحكم الله بيننا وبينك فهو أقدر على التغيير لا يشبه الحق عنده الباطل والصدق الكذب وزعمت أنك اتخذتني ذريعة وسلما إلى مساءة أهل العراق باستحلال ما حرم الله عليك مني ولم يكن لي عليك قوة فوكلتك إلى الله ثم إلى أمير المؤمنين فحفظ من حقي ما لم تحفظ فوالله لو أن النصارى على كفرهم رأوا رجلا خدم عيسى بن مريم يوما واحدا لعرفوا من حقه ما لم تعرف أنت من حقي وقد خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين وبعد فإن رأينا خيرا حمدنا الله عليه وأثنينا وإن رأينا غير ذلك صبرنا والله المستعان ورد عليه الحجاج ما كان أخذ منه.