ودخل مصعب سرادقه فتحنط ورمى السرادق وخرج فقاتل فأتاه عبيد الله بن زياد بن ظبيان فدعاه إلى المبارزة فقال له يا كلب اعزب مثلي يبارز مثلك وحمل عليه مصعب فضربه على البيضة فهشمها وجرحه فرجع وعصب رأسه وترك الناس مصعبا وخذلوه حتى بقي في سبعة أنفس وأثخن مصعب بالرمي وكثرت الجراحات فيه فعاد إلى عبيد الله بن زياد بن ظبيان فضربه مصعب فلم يصنع شيئا لضعفه بكثرة الجراحات وضربه ابن ظبيان فقتله.
وقيل: بل نظر إليه زائدة بن قدامة الثقفي فحمل عليه فطعنه وقال: يا لثارات المختار فصرعه وأخذ عبيد الله بن زياد رأسه وحمله إلى عبد الملك فألقاه بين يديه وأنشد:
(نعاطي الملوك الحق ما قسطوا لنا * وليس علينا قتلهم بمحرم) فلما رأى عبد الملك الرأس سجد قال ابن ظبيان لقد هممت أن أقتل عبد الملك وهو ساجد فأكون قد قتلت ملكي العرب وأرحت الناس منهما وقال عبد الملك لقد هممت أن أقتل ابن ظبيان فأكون قد قتلت أفتك الناس بأشجع الناس.
وأمر عبد الملك لابن ظبيان بألف دينار فقال لم أقتله على طاعتك وانما قتلته على قتل أخي النابئ بن زياد ولم يأخذ منها شيئا.
وكان قتل مصعب بدير الجاثليق عند نهر دجيل فأمر عبد الملك به وبابنه عيسى فدفنا وقال كانت الحرمة بيننا قديمة ولكن الملك عقيم.