(ألا سائل الجحاف هل هو ثائر * بقتلى أصيبت من سليم وعامر) وأنشد القصيدة حتى فرغ منها وكان الجحاف يأكل رطبا فجعل النوى يتساقط من يده غيظا وأجابه وقال:
(بلى سوف نبكيهم بك مهند * وننعى عميرا بالرماح الشواجر) ثم قال يا ابن النصرانية ما كنت أظن أن تجترئ علي بمثل هذا فأرعد الأخطل من خوفه ثم قام إلى عبد الملك وأمسك ذيله وقال هذا مقام العائد بك وأنا لك مجير. ثم قام الجحاف ومشى وهو يجر ثوبه ولا يعقل به فتلطف لبعض كتاب الديوان حتى اختلق له عهدا على صدقات تغلب وبكر بالجزيرة وقال لأصحابه إن أمير المؤمنين قد ولاني هذه الصدقات فمن أراد اللحاق بي فليفعل.
ثم سار حتى أتى رصافة هشام فاعلم أصحابه ما كان من الأخطل اليه وأنه افتعل كتابا وأنه ليس بوال فمن كان أحب أن يغسل عني العار وعن نفسي فليصحبني فإني قد أقسمت أن لا أغسل رأسي حتى أوقع في بني تغلب فرجعوا عنه غير ثلاثمائة قالوا له نموت بموتك ونحيا بحياتك.
فسار ليلته حتى صبح الرحوب وهو ماء لبني جشم بن بكر من تغلب فصادف عليه جماعة عظيمة منهم فقتل فيهم مقتلة عظيمة وأسر الأخطل وعليه عباءة وسخة فظنه الذي أسره عبدا، فسأله من هو فقال عبد.