ما في عرافته أن لا يخالفنا فيهم مخالف ولا يبغ علينا منهم باغ فمن لم يفعل فبرئت منه الذمة وحلال لنا دمه وماله وأيما عريف وجد في عرافته من بغية أمير المؤمنين أحد لم يرفعه إلينا صلب على باب داره وألغيت تلك العرافة من العطاء وسير إلى موضع بعمان الزارة ثم نزل.
وسمع مسلم بمقالة عبيد الله فخرج من دار المختار وأتى دار هانئ بن عروة المرادي فدخل بابه واستدعى هانئا فخرج إليه لما رآه كره مكانه فقال له مسلم أتيتك لتجيرني وتضيفني فقال له هانئ لقد كلفتني شططا، ولولا دخولك داري لأحببت أن تنصرف عني غير أنه يأخذني من ذلك ذمام ادخل فآواه فاختلفت الشيعة إليه في دار هانئ.
ودعا ابن زياد مولى له وأعطاه ثلاثة آلاف درهم وقال له اطلب مسلم بن عقيل وأصحابه وألفهم وأعطهم هذا المال وأعلمهم أنك منهم واعلم أخبارهم ففعل ذلك وأتى مسلم بن عوسجة الأسدي بالمسجد فسمع الناس يقولون هذا يبايع للحسين وهو يصلى فلما فرغ من صلاته قال له يا بعد الله إني امرؤ من أهل الشام أنعم الله على بحب أهل هذا البيت وهذه ثلاثة آلاف درهم أردت بها لقاء رجل منهم بلغني أنه قدم الكوفة يبايع لابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سمعت نفرا يقولون أنك تعلم أمر هذا البيت وإني أتيتك لتقبض المال وتدخلني على صاحبك أبايعه وإن شئت أخذت بيعتي له قبل لقائي إياه.
فقال لقد سرني لقاؤك إياي لتنال الذي تحب وينصر الله بك أهل بيت نبيه وقد ساءني معرفة الناس هذا الأمر مني قبل أن يتم مخافة هذا الطاغية وسطوته.