فقال له ابن خازم: قد أنصفت. فبرز إليه فتضاربا وتصاولا تصاول الفحلين لا يقدر أحدهما على صاحبه ثم غفل ابن خازم فضربه الحريش على رأسه فألقى فروة رأسه على وجهه وانقطع ركاب الحريش وانتزع السيف ولزم ابن خازم عنق فرسه راجعا إلى أصحابه ثم غاداهم القتال فمكثوا بذلك بعد الضربة أياما ثم مل الفريقان فتفرقوا ثلاث فرق فرقة إلى نيسابور مع بحير بن ورقاء وفرقة إلى ناحية أخرى وفرقة فيها الحريش إلى مرو الروذ فاتبعه ابن خازم إلى قرية تسمى الملحمة والحريش في اثني عشر رجلا وقد تفرقت عنه أصحابه وهم في خربة فلما انتهى إليه ابن خازم خرج إليه في أصحابه فحمل مولى لابن خازم على الحريش فضربه فلم يصنع شيئا فقال الحريش لرجل معه إن سيفي لا يصنع في سلاحه شيئا فاعطني خشبة فأعطاه عودا من عناب فحمل على المولى فضربه فسقط وقيذا ثم قال لابن خازم ما تريد مني وقد خليتك والبلاد قال إنك تعود إليها قال لا أعود فصالحه على أن يخرج من خراسان ولا يعود إلى قتاله فأعطاه ابن خازم أربعين ألفا وفتح له الحريش باب القصر فدخله ابن خازم وضمن له وفاء دينه وتحدثا طويلا.
وطارت قطنة عن الضربة التي برأس ابن خازم فأخذها الحريش ووضعها مكانها فقال له ابن خازم مسك اليوم ألين من مسك أمس فقال الحريش معذرة إلى الله وإليك أما والله لولا ركابي انقطع لخالط السيف رأسك؛ وقال الحريش في ذلك:
(أزال عظم ذراعي عن مركبه * حمل الرديني في الإدلاج بالسحر)