عرض رسول الله نفسه على القبائل وخروجه إلى الطائف واجترأت قريش على رسول الله بعد موت أبي طالب وطمعت فيه وهموا به مرة بعد أخرى، وكان رسول الله يعرض نفسه على قبائل العرب في كل موسم ويكلم شريف كل قوم، لا يسألهم إلا أن يؤووه ويمنعوه، ويقول: لا أكره أحدا منكم، إنما أريد أن تمنعوني مما يراد بي من القتل حتى أبلغ رسالات ربي، فلم يقبله أحد، وكانوا يقولون: قوم الرجل أعلم به، فعمد لثقيف بالطائف، فوجد ثلاثة نفر إخوة هم يومئذ سادة ثقيف وهم: عبد يا ليل بن عمرو وحبيب بن عمرو ومسعود بن عمرو، فعرض عليهم نفسه وشكا إليهم البلاء، فقال أحدهم: ألا يسرق ثياب الكعبة إن كان الله بعثك؟ وقال الآخر:
أعجز على الله أن يرسل غيرك؟ وقال الآخر: والله لا أكلمك أبدا، لئن كنت رسولا كما تقول لأنت أعظم خطرا من أن أرد عليك الكلام، ولئن كنت تكذب على الله ما ينبغي لي أن أكلمك. وتهزأوا به وأفشوا في قومهم ما قالوه له، وقعدوا له صفين. فلما مر رسول الله رجموه بالحجارة حتى أدموا رجله، فقال رسول الله: ما كنت أرفع قدما ولا أضعها إلا على حجر. ووافاه بالطائف عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة ومعهما غلام لهما نصراني ويقال له عداس، فوجها به إلى رسول الله، فلما سمع كلامه أسلم. ورجع رسول الله إلى مكة.