كانت اليهود تعدكم به، فلا يسبقنكم إليه أحد، فأسلموا، وأخذ عليهم رسول الله الايمان بالله وبرسوله، ثم انصرفوا فأخبروا قومهم الخبر وقد كانوا سألوه أن يوجه معهم رجلا من قبله يدعو الناس بكتاب الله. فبعث إليهم رسول الله مصعب بن عمير فنزل على أسعد بن زرارة وجعل يدعوهم إلى الله، عز وجل، ويعلمهم الاسلام، وكان أول من قدم المدينة. ثم خرج اثنا عشر رجلا منهم إليه فلقوه وهم أصحاب العقبة الأولى فآمنوا بالله وصدقوه، وانصرفوا إلى المدينة وكثر خبره وفشا الاسلام فيها.
فلما كان العام القابل خرج إليه جماعة من الأوس وجماعة من الخزرج فوافى منهم سبعون رجلا وامرأتان فأسلموا وصدقوه، وأخذ رسول الله عليهم بيعة النساء. فسألوه أن يخرج معهم إلى المدينة، وقالوا: إنه لم يصبح قوم في مثل ما نحن فيه من الشر، ولعل الله أن يجمعنا بك ويجمع ذات بيننا فلا يكون أحد أعز منا. فقال لهم رسول الله قولا جميلا، ثم انصرفوا إلى قومهم فدعوهم إلى الاسلام فكثر حتى لم تبق دار من دور الأنصار إلا وفيها ذكر حسن من ذكر رسول الله، وسألوه الخروج معهم وعاهدوه أن ينصروه على القريب والبعيد والأسود والأحمر، قال له العباس بن عبد المطلب: وإني فداك أبي وأمي آخذ العهد عليهم، فجعل ذلك إليه وأخذ عليهم العهود والمواثيق أن يمنعوه وأهله مما يمنعون منه أنفسهم وأهليهم وأولادهم وعلى أن يحاربوا معه الأسود والأحمر وأن ينصروه على القريب والبعيد وشرط لهم الوفاء بذلك والجنة.