قال: هذا رسول الله. فأردفه على بغلته ولحقه عمر بن الخطاب وقال: الحمد لله الذي أمكن منك بغير عهد ولا عقد. فسبقه العباس إلى رسول الله فقال:
يا رسول الله، هذا أبو سفيان قد جاء ليسلم طائعا. فقال له رسول الله: قل أشهد أن لا إله إلا الله وأني محمد رسول الله، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وجعل يمتنع من أن يقول: وانك رسول الله، فصاح به العباس، فقال.
ثم سأل العباس رسول الله أن يجعل له شرفا وقال إنه يحب الشرف. فقال رسول الله: من دخل دارك يا أبا سفيان فهو آمن. وأوقفه العباس حتى رأى جند الله، فقال له: يا أبا الفضل لقد أوتي ابن أخيك ملكا عظيما. فقال: إنه ليس بملك إنما هي النبوة. ومضى أبو سفيان مسرعا حتى دخل مكة فأخبرهم الخبر، وقال: هو اصطلام إن لم تسلموا، وقد جعل أن من دخل داري فهو آمن.
فوثبوا عليه وقالوا: وما تسع دارك؟ فقال: ومن أغلق بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن. وفتح الله على نبيه وكفاه القتال.
ودخل مكة ودخل أصحابه من أربعة مواضع، وأحلها الله له ساعة من نهار ثم قال رسول الله فخطب فحرمها، وأجارت أم هانئ بنت أبي طالب حموين لها: الحارث بن هشام وعبد الله بن أبي ربيعة، فأراد علي قتلهما، فقال رسول الله: يا علي قد أجرنا من أجارت أم هانئ، وآمنهم جميعا إلا خمسة نفر أمر بقتلهم ولو كانوا متعلقين بأستار الكعبة وأربع نسوة وهم:
عبد الله بن عبد العزى بن خطل من بني تيم الأدرم بن غالب، وكان رسول الله وجهه مع رجل من الأنصار فشد على الأنصاري فقتله وقال: لا طاعة لك ولا لمحمد، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح العامري، وكان يكتب لرسول الله فصار إلى مكة فقال: أنا أقول كما يقول محمد، والله ما محمد نبي وقد كان يقول لي: اكتب عزيز حكيم، فأكتب لطيف خبير، ولو كان نبيا لعلم. فآواه عثمان وكان أخاه من الرضاع، وأتى به إلى رسول الله، فجعل يكلمه فيه ورسول الله ساكت ثم قال لأصحابه: هلا قتلتموه! فقالوا: انتظرنا أن تومئ.