وظهر سليمان بن كثير الخزاعي وأصحابه بخراسان يدعون إلى بني هاشم سنة 111، وظهرت دعوتهم، وكثر من يجيبهم، وقدم بكير بن ماهان، فأجابه خلق كثير إلى خلع بني أمية وبيعة بني هاشم، وكثر أشياعه وأصحابه، ثم حضرت بكير بن ماهان الوفاة، فاستخلف أبا سلمة حفص بن سليمان الخلال وكتب بذلك إلى محمد بن علي بن عبد الله، وأعلمه أنه يرضاه، فأقره، وكتب إلى أصحابه يأمرهم بالسمع والطاعة، فاستقاموا جميعا عليه، وولى خالد بن عبد الله أخاه أسد بن عبد الله خراسان، فبلغه خبرهم، فأخذ جماعة منهم، فقطع أيديهم وأرجلهم وصلبهم، فما زالوا في خوف، حتى مات أسد، وولى خراسان جعفر بن حنظلة البهراني.
وولى سجستان يزيد بن الغريف الهمداني، فلما قدم سجستان ساءت سيرته، وأظهر الفسق، فقتله قوم من الخوارج وثبوا عليه وهو جالس في مجلسه، وعلى رأسه ألف وخمسمائة مدجج، وكان الخوارج خمسة نفر، فقدم إليه بعضهم، فضربه بالسيف، فقتله، ووثب الجند عليهم، فقتلوهم بعد أن قتلوا جماعة منهم. فلما بلغ خالد بن عبد الله الخبر ولى الأصفح بن عبد الله الكلبي، فصار إلى النية في الشتاء، فندب الناس إلى الغزو، فأتاه شيخ من أهل البلد يقال له عبد الله بن عامر، فقال: أيها الأمير! ليس هذا وقت غزو، فقال:
أنا أعلم بوقت الغزو منك، ونفذ، فلما صار على رأس شعب من الشعاب أتاه عمرو بن بجير فقال: أصلح الله الأمير، ليس هذا وقت دخول هذا الشعب.
فقال: لو كنت عاقبت المتكلم بالأمس لما سمعت هذا اليوم، واقتحم الشعب، حتى إذا أمعن فيه أخذ العدو عليه مضايقه، واجتمع فقتل الجيش بأسره، فلم ينج منه أحد، فلما أتى خالدا الخبر بقتل الأصفح ومن معه من المسلمين، ولى عبد الله بن أبي بردة بن أبي موسى، فلم يزل مقيما بها ولاية خالد.