وكان عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد تلاحيا في طريقهما، وكان عمارة رجلا مغرما بالنساء وكان معه امرأته رابطة بنت منبه بن الحجاج السهمي.
فقال عمارة: قل لها فلتقبلني. فقال: سبحان الله! أتقول هذا لابنة عمك؟
قال: والله لتفعلن أو لأضربنك بهذا السيف. فقال لها: قبليه. ثم إن عمارة اعتقل عمرا فألقاه في البحر، فعام عمرو وأوهمه أنه فعل هذا مزاحا. فقال:
ألق إلى ابن عمك الحبل، سبحان الله أهكذا يكون المزاح؟ فألقى إليه الحبل، فخرج. فلما أراد عمرو وعمارة الانصراف وأيسا من عند النجاشي، قال عمرو لعمارة: لو أرسلت إلى امرأة الملك النجاشي فلعلنا ننال منها حاجتنا عنده.
ففعل ذلك ولاطفها حتى أرسلت إليه بطيب من طيب الملك، فكاد عمرو عمارة، وقال للنجاشي: إن صاحبي هذا أرسل إلى امرأة الملك حتى أطمعته في نفسها وبعثت إليه بطيب من طيب الملك. فأخذه النجاشي فنفخ في أنثييه السم وقيل الزئبق، فهام مع الوحوش على وجهه، فلم يزل هائما حتى قدم قوم من بني مخزوم فسألوه أن يأذن لهم في أخذه، فنصبوا له فأخذوه. فلم يزل يضطرب في أيديهم حتى مات. وانصرف عمرو إلى المشركين خائبا، وأقام المسلمون بأرض الحبشة حتى ولد لهم الأولاد. وجميع أولاد جعفر ولدوا بأرض الحبشة ولم يزالوا بها في أمن وسلامة. واسم النجاشي أصحمة.