واستبداد الرأي، والتبكيت للناس مع حداثة السن. قال قلت: يا أمير المؤمنين. هلا استحدثتم سنة يوم الخندق إذ خرج عمرو بن عبد ود، وقد كعم عنه الابطال، وتأخرت عنه الأشياخ، ويوم بدر إذ كان يقط الاقران قطا، ولا سبقتموه بالاسلام، إذ كان جعلته السعب 1 وقريش يستوفيكم؟
فقال: إليك يا ابن عباس! أتريد أن تفعل بي كما فعل أبوك وعلي بأبي بكر يوم دخلا عليه؟ قال: فكرهت أن أغضبه فسكت. فقال: والله يا ابن عباس إن عليا ابن عمك لاحق الناس بها، ولكن قريشا لا تحتمله، ولئن وليهم ليأخذنهم بمر الحق لا يجدون عنده رخصة، ولئن فعل لينكثن بيعته ثم ليتحاربن.
وحج عمر جميع سني ولايته، إلا السنة الأولى، وهي سنة 13، فإن عبد الرحمن بن عوف حج بالناس، وكان الغالب عليه عبد الله بن عباس، وعبد الرحمن بن عوف، وعثمان بن عفان.
وروى بعضهم أن عبد الله بن عباس كان على شرطه، وكان حاجبه يرفأ مولاه، فطعن عمر يوم الأربعاء لأربع ليال بقين من ذي الحجة سنة 23، وكان ذلك من شهور العجم في تشرين الآخر، وكان الذي طعنه أبو لؤلؤة، عبد للمغيرة بن شعبة، وجأه بخنجر مسموم، وكانت سنو عمر يومئذ ثلاثا وستين سنة، وقيل أربعا وخمسين سنة، وكانت ولايته عشر سنين وثمانية أشهر.
ولما طعن عمر قال لابنه: إني كنت استسلفت من بيت مال المسلمين ثمانين ألفا، فليرد من مال ولدي، فإن لم يف مالهم فمال آل الخطاب، فإن لم يف فمال بني عدي، وإلا قريش عامة، ولا تعدوهم.
ولما حضرته الوفاة اجتمع إليه الناس فقال: إني قد مصرت الأمصار، ودونت الدواوين، وأجريت العطايا، وغزوت في البر والبحر، فإن أهلك،