المطلب: اللهم ساد الخلة وكاشف الكربة، أنت عالم غير معلم، مسؤول غير مبخل، وهؤلاء عبداؤك وإماؤك بعذرات حرمك يشكون إليك سنيهم التي أقحلت الضرع وأذهبت الزرع، فاسمعن اللهم وأمطرن غيثا مريعا مغدقا.
فما راموا حتى انفجرت السماء بمائها وكظ الوادي بثجه، وفي ذلك يقول بعض قريش:
بشيبة الحمد أسقى الله بلدتنا * وقد فقدنا الكرى واجلوذ المطر منا من الله بالميمون طائره * وخير من بشرت يوما به مضر مبارك الامر يستسقى الغمام به * ما في الأنام له عدل ولا خطر وأوصى عبد المطلب إلى ابنه الزبير بالحكومة وأمر الكعبة وإلى أبي طالب برسول الله وسقاية زمزم، وقال له: قد خلفت في أيديكم الشرف العظيم الذي تطأون به رقاب العرب. وقال لأبي طالب:
أوصيك يا عبد مناف بعدي * بمفرد بعد أبيه فرد فارقه وهو ضجيع المهد * فكنت كالأم له في الوجد تدنيه من أحشائها والكبد * فأنت من أرجى بني عندي لدفع ضيم أو لشد عقد وتوفي عبد المطلب ولرسول الله ثماني سنين ولعبد المطلب المطلب مائة وعشرون سنة، وقيل مائة وأربعون سنة. وأعظمت قريش موته، وغسل بالماء والسدر. وكانت قريش أول من غسل الموتى بالسدر، ولف في حلتين من حلل اليمن قيمتهما ألف مثقال ذهب، وطرح عليه المسك حتى سترة، وحمل على أيدي الرجال عدة أيام إعظاما وإكراما وإكبارا لتغييبه في التراب. واحتبى ابنه بفناء الكعبة لما غيب عبد المطلب واحتبى ابن جدعان التيمي من ناحية والوليد بن ربيعة