أنت على ما كنت عليه من كهانتك؟ قال: فغضب الرجل غضبا شديدا ثم قال: يا أمير المؤمنين: ما استقبلني بهذا منذ أسلمت أحد غيرك، فقال له عمر: ما كنا عليه من الشرك أعظم مما كنت عليه من كهانتك فأخبرني بإتيانك رئيك (1) بظهور رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم! قال: نعم يا أمير المؤمنين بينا أنا نائم ذات ليلة بين النائم واليقظان إذ أتاني رئيي فضربني برجله ثم قال: قم يا سواد بن قارب فافهم واعقل قد بعث رسول من لؤي ابن غالب يدعو إلى الله عز وجل وإلى عبادته، ثم أنشأ الجني يقول:
عجبت للجن وأخبارها * وشدها العيس بأكوارها تهوي إلى مكة تبغي الهدى * ما مؤمن الجن ككفارها فارحل إلى الصفوة من هاشم * من روابيها وأحجارها فقلت: دعني أنام فإني [أمسيت] ناعسا، فلما كان في الليلة الثانية أتاني فضربني برجله وقال: قم يا سواد بن قارب فافهم واعقل إن كنت تعقل إنه قد بعث رسول من لؤي بن غالب يدعو إلى الله عز وجل وإلى عبادته، ثم أنشأ الجني يقول:
عجبت للجن وتطلابها * وشدها العيس بأقتابها تهوي إلى مكة تبغي الهدى * صادق الجن ككذابها فارحل إلى الصفوة من هاشم * ليس قدماها كأذنابها فقلت: دعني أنام فأني أمسيت ناعسا، فلما كانت الليلة الثالثة أتاني فضربني برجله وقال: قم يا سواد بن قارب فافهم واعقل إن كنت تعقل قد بعث رسول من لؤي بن غالب يدعو إلى الله تعالى وإلى عبادته، ثم أنشأ الجني يقول:
عجبت للجن وتجساسها * وشدها العيس بأحلاسها تهوي إلى مكة تبغي الهدى * ما خير الجن كأنجاسها فارحل إلى الصفوة من هاشم * واسم بعينيك إلى رأسها فلما أصبحت شددت على راحلتي رحلها وصرت إلى مكة، فقيل لي: قد صار إلى المدينة، فأتيت المدينة فصرت إلى المسجد فعلقت ناقتي، فإذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في جماعة من أصحابه، فلما نظر إلي قام: هات يا سواد بن قارب! فقلت:
أتاني رئيي بعد هدء ورقدة * ولم يك فيما بلوت بكاذب