روايات كتابه شهادة منه بصدور جميعها عن المعصومين عليهم السلام، فإن الصحيح عند القدماء هو ما علم صدوره من المعصوم عليه السلام، فهو وإن لم يكن يرى صحة جميع روايات الكافي، إلا أنه كان معتقدا بصحة جميع ما اشتمل عليه كتابه من الروايات.
ولكن هذا توهم صرف، فإن الصدوق إنما يريد بالصحيح ما هو حجة بينه وبين الله، أي ما أحرز صدوره من المعصوم عليه السلام ولو بالتعبد، ولم يزد بذلك قطعي الصدور وما لا يحتمل فيه الكذب أو الخطأ، كما سيجئ منه - قدس سره - عند البحث عن صحة جميع أخبار الكتب الأربعة وعدمها: تصريحه بأنه يتبع في التصحيح وعدمه شيخه ابن الوليد، فيصحح ما صححه، ولا يصحح ما لم يصححه.
أفهل يمكن أن يقال: إنه كان يتبع شيخه في القطع بالصدور وعدم القطع به؟ فكل ما كان مقطوع الصدور لابن الوليد كان مقطوع الصدور للشيخ الصدوق وإلا فلا.
فالمتلخص: أنه لم يظهر من الشيخ الصدوق إلا أنه كان يعتقد حجية جميع روايات كتابه ولم يكن يرى ذلك بالإضافة إلى الكافي وغيره من المصنفات.
وأما الشيخ - قدس سره - فلا شك في أنه لم يكن يعتقد صدور جميع روايات كتابيه ولا سائر الكتب والأصول عن المعصومين عليهم السلام. ومن ثم ذكر في آخر كتابه أنه يذكر طرقه إلى أرباب الكتب الذين روى عنهم في كتابه، لتخرج الروايات بذلك عن الارسال إلى الاسناد، فان هذا الكلام صريح في أن ما رواه في كتابه أخبار آحاد محتملة الصدق والكذب، فإن كان الطريق إليها معلوما كانت من الروايات المسندة، وإلا فهي مرسلات وغير قابلة للاعتماد عليها.
وبعبارة أخرى: إن الشيخ إنما التزم بذكر الطريق، لئلا تسقط روايات كتابه عن الحجية لأجل الارسال، فلو كانت تلك الروايات قطعية الصدور، وكان ذكر الطريق لمجرد التيمن والتبرك، لم يكن الامر كذلك مع أنه خلاف ما صرح