بصدور كلتيهما، فإن الشهرة إنما تكون مرجحة لتمييز الصادر عن غيره، ولا مجال للترجيح بها مع الجزم بالصدور.
وأما الشيخ الصدوق - قدس سره - فقد قال في خطبة كتابه:
(ولم أقصد فيه قصد المصنفين من إيراد جميع ما رووه، بل قصدت إلى إيراد ما أفتي به وأحكم بصحته وأعتقد أنه حجة فيما بيني وبين ربي).
فإن هذا الكلام ظاهر في أن كتاب الكافي في اعتقاد الصدوق كان مشتملا على الصحيح وغير الصحيح كسائر المصنفات، فكيف يمكن أن يدعى أن جميع رواياته قطعية الصدور؟.
وأيضا، فإن الشيخ الصدوق إنما كتب كتابه: من لا يحضره الفقيه، إجابة لطلب السيد الشريف أبي عبد الله المعروف ب (نعمة الله) فإنه قد طلب من الشيخ الصدوق أن يصنف له كتابا في الفقه ليكون إليه مرجعه، وعليه معتمده، ويكون شافيا في معناه مثل ما صنفه محمد بن زكريا الرازي وترجمه بكتاب: من لا يحضره الطبيب.
ولا شك أن كتاب الكافي أوسع وأشمل من كتاب من لا يحضره الفقيه، فلو كانت جميع روايات الكافي صحيحة عند الشيخ الصدوق - قدس سره - فضلا عن أن تكون قطعية الصدور لم تكن حاجة إلى كتابة كتاب: من لا يحضره الفقيه، بل كان على الشيخ الصدوق أن يرجع السيد الشريف إلى كتاب الكافي، ويقول له: إن كتاب الكافي في - بابه - ككتاب من لا يحضره الطبيب في بابه في أنه شاف في معناه.
ويزيد ذلك وضوحا: أن الشيخ الصدوق قال في باب الوصي يمنع الوارث:
(ما وجدت هذا الحديث إلا في كتاب محمد بن يعقوب، ولا رويته إلا من طريقه) فلو كانت روايات الكافي كلها قطعية الصدور، فكيف يصح ذلك القول من الشيخ الصدوق - قدس سره -.
بقي هنا شئ، وهو: أنه قد يتوهم أن شهادة الشيخ الصدوق بصحة جميع