أيام الرشيد، وطلب منه أن يدل على مواضع الشيعة وأصحاب موسى بن جعفر عليه السلام، وأن أخته دفنت كتبه عندما كان في الحبس فهلكت، أو تركها في غرفته، فسال عليها المطر فهلكت. وهكذا حال سائر أصحاب الأئمة عليهم السلام، فإن شدتهم في ما كانوا عليه، وعدم تمكنهم من نشر الأحاديث علنا مما لا شك فيه ذو مسكة. ومع ذلك كيف يمكن دعوى: أنها قطعية الصدور؟
ثانيا: إن الاهتمام المزبور لو سلمنا أنه يورث العلم، فغاية الامر أنه يورث العلم بصدور هذه الأصول والكتب عن أربابها، فنسلم أنها متواترة، ولكنه مع ذلك لا يحصل لنا العلم بصدور رواياتها عن المعصومين عليهم السلام، وذلك فإن أرباب الأصول والكتب لم يكونوا كلهم ثقات وعدولا، فيحتمل فيهم الكذب.
وإذا كان صاحب الأصل ممن لا يحتمل الكذب في حقه، فيحتمل فيه السهو والاشتباه.
وهذا حذيفة بن منصور قد روى عنه الشيخ بعدة طرق:
منها: ما رواه بطرقه المعتبرة عن محمد بن أبي عمير عنه رواية: أن شهر رمضان لا ينقص عن ثلاثين يوما (1) ثم قال: (وهذا الخبر لا يصح العمل به من وجوه: أحدها أن متن هذا الحديث لا يوجد في شئ من الأصول المصنفة، وإنما هو موجود في الشواذ من الاخبار. ومنها: أن كتاب حذيفة بن منصور عري منه، والكتاب معروف مشهور، ولو كان هذا الحديث صحيحا عنه لضمنه كتابه).
إلى آخر ما ذكره - قدس سره -.
فنرى أن الشيخ - قدس سره - يناقش في صحة هذا الحديث عن حذيفة مع أن في رواتها عنه محمد بن أبي عمير. وقد رواها الشيخ عنه بطرق معتبرة، ولا يكون منشأ ذلك إلا احتمال وقوع السهو والاشتباه من الرواة، فإذا كانت مثل هذه الرواية لا يحكم بصحتها، فما حال الروايات التي يرويها الضعفاء أو