فلا نعرف من طرقه غير ما ذكره في المشيخة من طرقه إلى من روى عنهم في كتابه.
وأما طرقه إلى أرباب الكتب فهي مجهولة عندنا، ولا ندري أن أيا منها كان صحيحا، وأيا منها غير صحيح. ومع ذلك كيف يمكن دعوى العلم بصدور جميع هذه الروايات من المعصومين عليهم السلام.
وعلى الجملة: إن دعوى القطع بصدور جميع روايات الكتب الأربعة من المعصومين عليهم السلام واضحة البطلان. ويؤكد ذلك أن أرباب هذه الكتب بأنفسهم لم يكونوا يعتقدون ذلك.
وهذا محمد بن يعقوب - قدس الله تعالى سره - بعد ما ذكر أنه طلب منه تأليف كتاب كاف يجمع فيه من جميع فنون علم الدين ما يكتفي به المتعلم ويرجع إليه المسترشد، ويأخذ منه من يريد علم الدين والعمل بالآثار الصحيحة عن الصادقين عليهما السلام، قال بعد كلام له:
(فاعلم يا أخي أرشدك الله أنه لا يسع أحدا تمييز شئ مما اختلف الرواية فيه عن العلماء - عليهم السلام - برأيه إلا على ما أطلقه العالم بقوله عليه السلام: أعرضوها على كتاب الله فما وافق كتاب الله عز وجل فخذوه، وما خالف كتاب الله فردوه. وقوله: دعوا ما وافق القوم فإن الرشد في خلافهم. وقوله عليه السلام: خذوا بالمجمع عليه، فإن المجمع عليه لا ريب فيه. ونحن لا نعرف من جميع ذلك إلا أقله، ولا نجد شيئا أحوط ولا أوسع من رد علم ذلك كله إلى العالم عليه السلام: وقبول ما وسع من الامر فيه بقوله: بأيما أخذتم من باب التسليم وسعكم. وقد يسر الله - ولله الحمد - تأليف ما سألت، وأرجو أن يكون بحيث توخيت).
وهذا الكلام ظاهر في أن محمد بن يعقوب لم يكن يعتقد صدور روايات كتابه عن المعصومين عليهم السلام جزما، وإلا لم يكن مجال للاستشهاد بالرواية على لزوم الاخذ بالمشهور من الروايتين عند التعارض، فان هذا لا يجتمع مع الجزم