المجهولون؟!.
ثالثا: لو سلمنا أن صاحب الكتاب أو الأصل لم يكذب ولم يشتبه عليه الامر، فمن الممكن أن من روى عنه صاحب الكتاب قد كذب عليه في روايته، أو أنه اشتبه عليه الامر، وهكذا..
ومن هنا قال الشيخ - قدس سره - في كتاب العدة عند بحثه عن حجية خبر الواحد.
والذي يدل على ذلك: إجماع الفرقة المحقة على العمل بهذه الاخبار التي رووها في تصانيفهم ودونوها في أصولهم لا يتناكرون ذلك، ولا يتدافعونه حتى أن واحدا منهم إذا أفتى بشئ لا يعرفونه سألوه من أين قلت هذا؟ فإذا أحالهم إلى كتاب معروف أو أصل مشهور، وكان راوية ثقة لا ينكر حديثه سكتوا، وسلموا الامر في ذلك وقبلوا قوله.
فإن دلالة هذا الكلام على أن روايات الكتب المعروفة والأصول المشهورة لم تكن قطعية الصدور، وإنما يلزم قبولها بشرط أن تكون رواتها ثقات، للاجماع على حجيتها - حينئذ - واضحة ظاهرة.
رابعا: إن الأصول والكتب المعتبرة لو سلمنا أنها كانت مشهورة ومعروفة إلا أنها كانت كذلك على إجمالها، وإلا فمن الضروري أن كل نسخة منها لم تكن معروفة ومشهورة، وإنما ينقلها واحد إلى آخر قراءة أو سماعا، أو مناولة مع الإجازة في روايتها، فالواصل إلى المحمدين الثلاثة إنما وصل إليهم من طريق الآحاد، ولذلك ترى أن الشيخ الصدوق بعد ما ذكر في خطبة كتابه من لا يحضره الفقيه أن: جميع ما أورده فيه مستخرج من كتب مشهورة معروفة أشار إلى طريقه إليها، وقال: (وطرقي إليها معروفة في فهرس الكتب التي رويتها عن مشايخي وأسلافي رضي الله عنهم).
فإنه يظهر من ذلك أنه - قدس سره - كان قد ألف فهرسا ذكر فيه طرقه إلى الكتب التي رواها عن مشايخه وأسلافه، فهو إنما يروي الكتب بتلك الطرق المعروفة في ذلك الفهرس، ولكنه لم يصل إلينا،