الله، وظلت هكذا في منأى عن كذب الكذابين وافتراء المفترين حتى ارتحاله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى الرفيق الأعلى، ولعل السبب في هذا الأمر يرجع إلى عدة أمور:
أحدها: احترام الصحابة لسنة الرسول وقوة تأثير الروح الدينية في نفوس المؤمنين في تلك الفترة.
وثانيها: وجود رسول الله بين ظهرانيهم والخشية من أن يؤدي الكذب عليه إلى فضح المفتري أمام الملأ، اما لكلام مباشر من الرسول أو باخبار الوحي إياه (صلى الله عليه وآله وسلم)، كما حصل في كثير من الموارد التي تدخل الوحي لإطلاع رسول الله عليها وإخباره عن مغيباتها.
وبعد وفاة الرسول اتجهت سياسة الخلفاء إلى المنع من رواية الحديث والتشديد على تدوينه، وقد كانت حجتهم في هذا المنع هو الخشية من انصراف المسلمين عن القرآن الكريم وانشغالهم بالحديث وحده، مما أوجد فترة من السبات والانقطاع عن رواية الحديث وتناقله، كانت كافية لأن تختمر فيها بذور الوضع وتتهيأ الأرضية لعوامل الانحراف عن الرواية، وقد بقي هذا الوضع إلى زمن أمير المؤمنين حيث شجع (عليه السلام) المسلمين على كتابة الحديث وتدوينه، وكان يستحلف كل من يروي حديثا أنه سمعه من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
غير أن هذا الأمر لم يدم طويلا، فما إن قتل أمير المؤمنين وانتقلت السلطة إلى بني أمية حتى بدأت حركة وضع منظمة للحديث النبوي