وانتحاله على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكان معاوية بن أبي سفيان هو أول الحكام الذين فتحوا الطريق أمام حركة الوضع الواسعة هذه، إذ بادر إلى اغداق الأموال بلا حساب على الرواة والمحدثين الذين كانوا يضعون ما يشاء من الأحاديث والروايات التي يعتقد أنها تؤدي إلى تعزيز (الحق) الأموي في السلطان من جهة، وإخفاء فضائل أهل البيت واجتثاث الولاء من نفوس محبيهم من جهة أخرى. ولسنا بحاجة إلى ذكر الأمثلة في هذا الصدد فان تاريخ تلك الحقبة ملئ بأسماء الرواة الذين كانوا على استعداد لبيع حديثهم (ودينهم طبعا) مقابل ثمن يحدده (الخليفة) نفسه تبعا لأهمية الشخص ووضعه الاجتماعي من ناحية، وأهمية المروي وحاجة الخليفة إليه من ناحية ثانية.
أسباب الوضع:
وإزاء هذا الاضطراب في وقائع التاريخ وأحداثه لا يسع الباحث والمحقق سوى الحذر في التعامل مع هذه المعطيات وتوخي الدقة في معالجتها وعدم الرضوخ ل (السائد) أو (الرسمي) من هذه المفردات، فالذين صاغوا هذه الاحداث وسجلوا مجرياتها بشر عاديون لا يختلفون عنا في أهوائهم ورغباتهم، ولهم ضعفهم البشري واهتماماتهم التي لنا.
فحين نلقي نظرة فاحصة على مظاهر الاضطراب والتشويش في مفردات تاريخنا ووقائعه سنجد ان الأسباب التي أدت إلى هذا التضارب والتناقض في تسجيلها ورصدها لا تختلف في مجملها عن الأسباب التي