يوم صومهم وانه فعل كذا وكذا، أقول: لنا في هذه الواقعة خير مثال على هذا النوع من الوضع والافتراء.
4 - وهناك أيضا ما يمكن أن نسميه بالعامل التربوي أو التوجيهي كدافع مقصود أساسا من وضع الحديث، فقد لجأ الكثير من المحدثين والرواة إلى وضع الحديث ترغيبا للمؤمنين في عمل الخير وتشجيعا لهم على اجتناب عمل الشر والسوء.
ويأتي في هذا الإطار كثير مما روي من الأحاديث عن الجنة ونعيمها والنار وعذابها، كما يمكن أن ندرج ضمنه غير قليل مما روي عن فضائل بعض الأعمال والثواب المترتب عليها.
وعلى الرغم من النية الحسنة التي ينطوي عليها مثل هذا الدافع من وضع الحديث، إلا أن مثل هذه الأحاديث لا يمكن اعتبارها في النتيجة أكثر من أنها روايات موضوعة مفتراة على رسول الله، الأمر الذي يتعارض مع أي غرض تربوي مفترض من مثل هذا الوضع، لما في هذا العمل من الاستهانة - أو قل التساهل الكبير لو أحسنت الظن - بالنبي وحديثه وهو القائل (صلى الله عليه وآله وسلم): " من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
هذا فضلا عما في أمثال هذه الأحاديث والروايات من المبالغات والكذب المفضوح مما يجعلها مرآة لأمزجة قائليها وأفكارهم، وميدانا يجول فيه خيال مخترعيها وأوهامهم وهو ما يعطي صورة خرافية مشوهة ومجافية للعقل عن الاسلام ونبيه إذا ما اعتقدنا بصحة هذه الروايات