يمكن أن تعزى لمظاهر التضارب والتشويش في أحداث حاضرنا ووقائعه، فلمسجلي الاحداث جميعا - قديمهم ومعاصرهم - دوافعهم البشرية لهذا التحريف وأسبابهم الخاصة التي تدعوهم لهذا التشويه مع الاحتفاظ - طبعا - بالفارق التاريخي والزمني بين الحالين، وسوف نستعرض لاحقا جانبا من الأسباب التي أدت إلى هذا الاضطراب، وهي:
1 - ضعف الملكات الفطرية لرواة الحادثة ومدونيها: فهؤلاء الرواة يتفاوتون في قابلياتهم الطبيعية على الاحتفاظ بتفاصيل الواقعة ودقائق الرواية ومن ثم نقلها إلى الآخرين بدقة ووضوح، فقد يعجز الشاهد عن نقل الحادثة بكل جوانبها فينسى جزءا أو أكثر منها، ثم يضطر لملأ الفجوات في الرواية بما يفترض أنه الصحيح أو المناسب لسياقها، وقد لا يتخذ هذا التبديل في الأحداث شكلا واعيا أو مقصودا بشكل مباشر، بل إن الراوي قد يعتقد أن ما ينقله عن الواقعة ويذكره عنها هو الحاصل حقا، وانها وقعت كما يرويها هو وينقل تفاصيلها.
ويتصل بهذا العامل أمر آخر وهو عامل الكبر والاختلاط في آخر العمر بالنسبة للراوي، إذ كثيرا ما يؤثر هذا الأمر على ذاكرة الراوي وقدرته على الرواية والنقل الدقيق.
2 - عامل الإغراء بالمال والنفوذ وغيرهما: وهو عامل شديد التأثير في توجيه التاريخ وصياغته بالشكل الذي يرتضيه ويريده أولو القوة من الحكام وأصحاب النفوذ، ففي كل عصر وزمان تجد صنفين من الناس،