(... وقد كان أقوى هؤلاء الكهان دهاء وأشدهم مكرا، كعب الأحبار، ووهب بن منبه، وعبد الله بن سلام، ولما وجدوا أن حيلهم قد راجت بما أظهروه من كاذب الورع والتقوى، وأن المسلمين قد سكنوا إليهم، واغتروا بهم، جعلوا أول همهم أن يضربوا المسلمين في صميم دينهم، وذلك بأن يدسوا إلى أصوله، التي قام عليه، ما يريدون من أساطير وخرافات، وأوهام وترهات، لكي تهن هذه الأصول وتضعف، لما عجزوا عن أن ينالوا من القرآن الكريم، لأنه قد حفظ بالتدوين واستظهره الآلاف من المسلمين، وانه قد أصبح في ذلك بمنعة من أن يزاد فيه كلمة أو يدس إليه حرف اتجهوا إلى التحديث عن النبي، فافتروا ما شاءوا أن يفتروا عليه من أحاديث لم تصدر عنه، وأعانهم على ذلك أن ما تحدث به النبي في حياته لم يكن محدد المعالم، ولا محفوظ الأصول، لأنه لم يكتب في عهده صلوات الله عليه، كما كتب القرآن، ولا كتبه صحابته من بعده، وأن في استطاعة كل ذي هوى أو دخيلة سيئة، أن يدس إليه بالافتراء، ويسطو عليه بالكذب، ويسر لهم كيدهم أنهم وجدوا الصحابة يرجعون إليهم في معرفة ما لا يعلمون من أمور الأمم الماضية.
قال ابن الجوزي: لما لم يستطع أحد أن يدخل في القرآن ما ليس منه أخذ أقوام يزيدون في الحديث ويضعون مالم يقل (ص 14 ج 2 تاريخ ابن عساكر)...
وبواسطة كعب وابن منبه وسواهما من اليهود الذين أسلموا تسربت إلى الحديث طائفة من أقاصيص الإسرائيليات وما لبثت هذه الروايات أن