فشتان بين هذه الخطبة وبين تلك المفتعلات، فإن عمر يرى خلافته وحيا من أبي بكر لا وحيا من الله جاء به جبريل إلى النبي الأعظم، وصدع به (صلى الله عليه وآله وسلم) في الملأ الديني، وأذن به بلال كما كان نص بعضها.
10 - وما أخرجه الطبري في تاريخه (1) (5 / 33): إن عمر بن الخطاب لما طعن قيل له: يا أمير المؤمنين، لو استخلفت؟ قال: من أستخلف؟ لو كان أبو عبيدة بن الجراح حيا استخلفته، فإن سألني ربي قلت: سمعت نبيك يقول: إنه أمين هذه الأمة، ولو كان سالم مولى أبي حذيفة حيا استخلفته، فإن سألني ربي قلت: سمعت نبيك يقول: إن سالما شديد الحب لله. فقال له رجل: أدلك عليه، عبد الله بن عمر، فقال: قاتلك الله والله ما أردت الله بهذا، ويحك! كيف أستخلف رجلا عجز عن طلاق امرأته؟ لا إرب لنا في أموركم، ما حمدتها فأرغب فيها لأحد من أهل بيتي، إن كان خيرا فقد أصبنا منه، وإن كان شرا فشر عنا إلى عمر، بحسب آل عمر أن يحاسب منهم رجل واحد ويسأل عن أمر أمة محمد، لقد جهدت نفسي وحرمت أهلي، وإن نجوت كفافا لا وزر ولا أجر إني لسعيد، وأنظر فإن استخلفت، فقد استخلف من هو خير مني، وإن أترك، فقد ترك من هو خير مني، ولن يضيع الله دينه.
فخرجوا، ثم راحوا فقالوا: يا أمير المؤمنين، لو عهدت عهدا؟
فقال: قد كنت أجمعت بعد مقالتي لكم أن أنظر فأولي رجلا أمركم هو