رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقد انتخبوا أبا بكر الصديق اختيارا منهم لا استنادا إلى نص أو أمر من صاحب الشريعة (صلى الله عليه وآله وسلم)، وبعد أن انتخبوه بايعوه، ومعنى ذلك عاهدوه على السمع والطاعة فيما فيه رضا الله سبحانه، كما أنه عاهدهم على العمل فيهم بأحكام الدين من كتاب الله وسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهذا التعاهد المتبادل بين الخليفة والأمة هو معنى البيعة تشبيها له بفعل البائع والمشتري، فإنهما كانا يتصافحان بالأيدي عند إجراء عقد البيع.
فمن هذه البيعة تكون قوة الخليفة الحقيقية، وكانوا يرون الوفاء بها من ألزم ما يوجبه الدين وتحتمه الشريعة.
وقد سن أبو بكر (رضي الله عنه) طريقة أخرى في انتخاب الخليفة، وهي أن يختار هو من يخلفه ويعاهده الجمهور على السمع والطاعة، وقد وافق الجمهور الإسلامي على هذه الطريقة، ورأى أن هذا مما تجب الطاعة فيه وذلك العمل هو ولاية العهد. انتهى.
فمن هنا يتجلى أن تاريخ ولادة هذه المرويات بعد انعقاد البيعة واستقرار الخلافة لمن تقمصها، ولذلك لم ينبس أحد منهم يوم السقيفة ولا بعده بشئ من ذلك على ما احتدم هنالك من الحوار والتنازع والحجاج، وليس ببدع أن لا يعرفها أحد قبل ولادتها، وإنما العجب من أن البحاثة وعلماء الكلام من بعد ذلك التاريخ - إلا الشذاذ منهم - لم يأبهوا بها في إثبات أصل الخلافة وإن لم يألوا جهدا في التصعيد والتصويب جهد