الصديق في علته التي مات فيها، فقلت له: أراك بارئا يا خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: أما إني على ذلك لشديد الوجع، ولما لقيت منكم يا معشر المهاجرين أشد علي من وجعي، إني وليت أموركم خيركم في نفسي، فكلكم ورم أنفه أن يكون له الأمر من دونه... إلى أن قال: فقلت:
خفض عليك يا خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فإن هذا يهيضك (1) إلى ما بك، فوالله ما زلت صالحا مصلحا، لا تأسى على شئ فاتك من أمر الدنيا، ولقد تخليت بالأمر وحدك فما رأيت إلا خيرا (2).
تورم أنف الصحابة إما لاعترافهم بعدم النص وأن الخيرة قد عدتهم من غير ما أولوية في المختار، أو: لاعتقادهم وجود النص، لكنه لم يعمل به بل أعملت الأثرة والمحاباة فنقموا بأنها قد عدتهم، وإما لاعتقادهم أن الأمر لا يكون إلا باختيار الأمة فغاظهم التخلف عنه، وإما لاعتقادهم وجود النص على علي أمير المؤمنين (عليه السلام) خاصة، فغضبوا له وأسخطهم أن يتقدم عليه غيره، وإما لأنهم رأوا أن الناس لا يعتمدون على النص، ولا يجري الانتخاب على أصوله، وأن الانتخاب الأول كان فلتة بنص من عمر، والاختيار الشخصي ما كان معهودا، فإذا كان السائد وقتئذ الفوضوية، فلكل أحد يرى لنفسه حنكة التقدم أن يطمع في الأمر، كما قال عبد الرحمن بن عوف في حديث أخرجه البلاذري في الأنساب (5 / 20): يا