فمنها: ما شيد أركانه في المقدمة الثانية من مقدمات الحدائق بعد أن ذكر أن الأصل في تنويع الأخبار إلى الأربعة المعروفة هو العلامة أو شيخه جمال الدين [ابن] طاووس - كما صرح به جملة من أصحابنا المتأخرين - ونقل عن مشرق الشمسين والمنتقى أن السبب الداعي إلى ذلك أنه لما طالت المدة بينهم وبين الصدر الأول وخفيت عليهم القرائن الموجبة لصحة الأخبار عند المتقدمين، التجأوا إلى العمل بالظن بعد فقد العلم؛ لكونه أقرب المجازات إلى الحقيقة عند تعذرها قائلا:
إن لنا على بطلان هذا الاصطلاح وصحة أخبارنا وجوها:
الأول: أن منشأ الاختلاف في الأخبار إنما هو التقية لا دس الأخبار المكذوبة حتى يحتاج إلى هذا الاصطلاح. واستدل عليه بالأخبار الحاكمة على أنا أوقعنا الخلاف؛ لأنه أبقى لنا ولكم، سلمنا لكنه لا ضرورة تلجئ إلى اصطلاحهم؛ لأنهم (عليهم السلام) أمرونا بعرض ما شك فيه من الأخبار على الكتاب والسنة، فالواجب في تميز الخبر الصادق والكاذب مراعاة ذلك واتباع الأئمة أولى من اتباعهم. (1) وفيه: أن مقتضى تلك الأخبار أن التقية منشأ الاختلاف، لا انحصاره فيها وقد ارتكز في الأذهان - حتى عرفه العوام والصبيان - أن إثبات شيء لا يقتضي نفي ما عداه، فكما أن ذلك سبب الاختلاف فكذلك الدس، ولا سيما بعد ملاحظة ما روي عن الصادق (عليه السلام) من " أن لكل رجل منا رجلا يكذب عليه " (2)، ومثله عن النبي (صلى الله عليه وآله)، (3) وما روي عن ابن سنان قال: قال أبو عبد الله: " إنا أهل بيت صادقون لا نخلو من كذاب يكذب علينا فيسقط صدقنا بكذبه علينا عند الناس