غريبا من تلك الجهة.
ومنها: المصحف، ولا ينهض بأعبائه إلا الحذاق من أهل الفن.
وذلك قد يكون في السند كتصحيف " مراجم " بالمهملة ثم المعجمة ب " مزاحم " بالمعجمة ثم المهملة، و " حريز " بإهمال الأول وإعجام الأخير ب " جرير " بعكس ذلك، ونحو ذلك.
وقد وقع ذلك من العلامة كثيرا، يظهر ذلك من مطابقة كتاب خلاصة الأقوال له وإيضاح الاشتباه من أسماء الرواة له لما بينهما من الاختلاف. وقد نبه الشيخ تقي الدين بن داود على كثير من ذلك.
وقد يكون في المتن، وهو أيضا كثير. ومتعلق التصحيف إما البصر أو السمع، مثال الأول قد عرفت وواضح، وأما الثاني فهو ما يقع الالتباس فيه في مقام السماع لتقارب الحروف في المخرج، كما أن منشأ الاشتباه في الأول تقارب الحروف في الكتابة كتصحيف بعضهم " عاصم الأحول " ب " واصل الأحدب " ونحو ذلك.
ثم إن التصحيف كما يكون في اللفظ قد يكون في المعنى، كما حكي عن أبي موسى محمد ابن المفتي العنزي أنه قال: " نحن قوم لنا شرف، نحن من عنزة، صلى إلينا رسول الله ". يريد بذلك ما روي من أنه صلى إلى عنزة (1)، وهي حربة تنصب بين يدي المصلي، فتوهم أنه صلى إلى قبيلتهم بني عنزة.
ومن المذكور في الألسنة أن رجلا كان مسمى ببشر، فوجد مرأة مسماة بلواحة، فطالبها بتسعة عشر دينارا أو درهما؛ لقوله تعالى: (لواحة للبشر * عليها تسعة عشر) (2) لكون اللام للنفع و " على " للضرر والضمير في " عليها " راجع إلى " لواحة ". ولو كان له أصل لكان من التصحيفات المعنوية الغريبة.