في التهذيب ليس موجودا في الكتب الثلاثة الأخر، وربما يوجد في الكتب الإستدلالية من الفقه أخبار ليست موجودة في واحد منها، فمن أين ترتفع الحاجة إلى علم الرجال بالنسبة إلينا كلية؟!
والمصدق لما ادعينا صرف جل من العلماء هممهم في ذلك العلم وفي التصنيف فيه من مثل الكشي والنجاشي والشيخ إلى زمان المتأخرين. ولو كان مجرد وجود الرواية في واحد من تلك الكتب موجبا للظن بالصدق، لما ضيعوا عمرهم في زمان طويل في ذلك واشتغلوا بما فيه فائدة؛ فإنهم عقلاء أتقياء أساطين الدين، بل الظاهر أنهم ألفوا كتبهم لانتفاع من سيأتي من بعدهم.
ومع الإغماض عن ذلك كله ربما يتعارض كلام شيخ واحد في تصحيح خبر وتضعيفه في الكتابين أو في المقامين، وربما يتعارض كلام اثنين من المشايخ في ذلك، فلابد من الإجتهاد في صحة واحد من المتعارضين.
مضافا إلى أن المعتبر من الظن بالصدق هو الظن المستقر بعد الإجتهاد لا مطلق الظن البدوي، وكثيرا ما لا يحصل الاستقرار إلا بعد الفحص عن أسباب الصدق والكذب، وجلها مما يتحصل بذلك العلم، مع أن الأخبار المودعة في الكتب الأربعة قلما يتفق خلوها عن المعارض، فعلى فرض تسليم حصول الظن المستقر من الخالي عنه بمجرد وجوده فيها أو في بعضها فما الحيلة في غالب الأخبار؟ والبناء على التخيير. مع عدم العلم بعدم المرجح - مما ينفيه العقل والشرع.
أما الأول، فواضح.
وأما الثاني، فلما دل عليه جملة من الأخبار العلاجية من أن التخيير إنما هو بعد رفع اليد عن الوجوه المرجحة ومنها الأعدلية، كما نص به الباقر (عليه السلام) في رواية زرارة؛ حيث قال: قلت: إنهما مشهوران عنكم. فقال: " خذ بما يقول