وذلك لا ينافي كونهم واثقين بما نقلوا، لكن المعتمد عند شخص لا يلازم كونه معتمدا عند آخر، ولا سيما بعد ملاحظة طعن جملة من القدماء في السند مع كون الرواية منقولة في الكتب المعتبرة، فعن المفيد أنه قال في رسالته في الرد على الصدوق: " فأما ما يتعلق به أصحاب العدد من أن شهر رمضان لا يكون أقل من ثلاثين يوما فهي أحاديث شاذة قد طعن نقلة الأخبار من الشيعة في سندها " (1) مع أنه مذكور في الكافي ونحو ذلك.
فإذا لاحظنا الطعن في السند من القدماء، وطرح الحديث من أجل ذلك مع كونهم متقاربي العهد مع مؤلف الكتاب ومتمكنين من تحصيل ما أوجب الاعتماد للناقل فما ظنك بأمثالنا؟!
مضافا إلى أن القدماء تفطنوا لذلك، ومع اعتمادهم على منقولاتهم صرفوا مدة وافرة من أعمارهم في علم الرجال لإبقاء تلك القرينة لمن بعدهم؛ لعلمهم بأن سائر القرائن الموجودة لهم الموجبة لاعتمادهم مما ليس بقابل البقاء حتى ينفع لغيرهم. فمع صراحة صنعهم في ذلك كيف يعتمد على مجرد نقلهم الروايات، ويترك نقلهم مدح الرجال وقدحهم؟!
مضافا إلى أنهم ليسوا بمعصومين من الخطأ، فيعرف إصابتهم في التصحيح أو خطأهم بملاحظة السند.
مضافا إلى إمكان تحصيل الإجماع على الحاجة إلى ذلك العلم من تتبع كتب القدماء. فاتضح الفرق.
وضعف إطلاق النراقي (رحمه الله) من الأصوليين بعدم الحاجة إلى ذلك العلم رأسا بملاحظة تصريح جمع من الأصحاب بأن أخبار الكتب المعتبرة إنما وصلت إلينا بعد أن سهرت العيون في تصحيحها، وذابت الأبدان في تنقيحها، وقطعوا في تحصيلها من معادنها البلدان، وهجروا في تنقيحها الأولاد والنسوان كما هو ظاهر