بخلافه فيما نحن فيه؛ فإن طعن من يكثر الطعن في الرجال كابن الغضائري لا عبرة به بنفسه مع كونه معارضا بمدح كثير في كثير من المواضع، والطعن من غيره بالنسبة إلى من مدحوه في غاية القلة، فتبطل (1) المقايسة.
ثم إن التعديل في مقابل الجرح، والتصحيح في مقابل التضعيف. ومن البين أن كليهما في الأغلب مما أخبروا به اجتهادا لا رواية وشهادة. ومن البين أن ذلك الإخبار من أهل الخبرة من أسباب الظن، والمعارض للتعديل هو الجرح، فلابد في الأخذ بكل منهما من ملاحظة عدم المعارض أو ضعفه. وكذا الكلام في التصحيح والتضعيف؛ فتدبر.
[توثيقات المتأخرين] وربما يسمع من بعض أفاضل المعاصرين عدم جواز الاكتفاء بتعديل العلامة ومن تأخر عنه مستدلا بأنهم ليسوا من أهل الخبرة في هذا الفن، وليس مكتوبهم إلا النقل عن الغير، وعلى فرض عدم النقل فهو ناش من اجتهادهم. (2) ولكنك خبير بأن هذه المقالة إنما تتم بعد إثبات معاشرة القدماء من أهل الرجال للرواة وحصول القطع لهم بعدالتهم بها، أو إثبات وجود القرائن الموجبة لذلك لهم وعدمهما للعلامة ونحوه.
هذا إن أوجبنا القطع في صدق مفهوم الشهادة عرفا. وإن اكتفينا بالظن في الصدق في مقام التعديل فكذلك.
فإن بنينا على كون التعديل من باب الشهادة - كما اختاره ذاك الفاضل مستدلا بصدق موضوع الشهادة على التوثيق والجرح عرفا، سواء كان باللفظ أو بالكتب؛