وكما لو دل أحدهما بظاهره على الحرمة، والآخر على الجواز للثاني؛ فإن العرف يفهم منه صرف الحرمة عن الظاهر. وإلا لابد من الرجوع إلى المرجحات المقررة في الأصول. هذا إذا كان الخبران من الأخبار المعتبرة، وإلا سقط ذلك رأسا، ولا محيص عن الأخذ بالمعتبر. وجمع الشيخ جمع تبرعي كما يظهر من أول الاستبصار (1).
ومنها: الناسخ والمنسوخ، فإن من الأحاديث ما ينسخ بعضها بعضا كالكتاب.
والناسخ ما دل على رفع حكم شرعي سابق، والمنسوخ ما رفع حكمه الشرعي بدليل شرعي متأخر منه. وطريقة معرفته النص - كقوله (صلى الله عليه وآله): " كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها " (2) أو نقل الصحابي المعتبر كقولهم: كان آخر الأمرين من رسول الله ترك الوضوء مما مسته النار (3) - أو التأريخ؛ فإن المتأخر منهما ناسخ للمتقدم لما روي عن الصحابة: كنا نعمل بالأحدث فالأحدث (4)، أو الإجماع كحديث قتل شارب الخمر في المرة الرابعة (5) نسخه الإجماع حيث لا يتخلل الحد. وأما نفس الإجماع فقالوا: إنه لا ينسخ بنفسه وإنما يدل على النسخ، وفيه كلام؛ فإن الكلام فيه كسائر الأدلة الشرعية.
ومنها: الغريب لفظا، وثمرة التقييد الاحتراز عن الغريب المطلق وهو الغريب متنا أو إسنادا - وقد مر - وهو ما اشتمل متنه على لفظ غامض بعيد عن الفهم لقلة استعمال في الشائع من اللغة.