[مرتبة الرواية بالمكاتبة] وعلى تقدير اعتبار المكاتبة - كما قويناه - فهي أنزل من السماع حتى يرجح عليها مع تساويهما في الصحة وغيرها من المرجحات.
وقد وقع في مثل ذلك مناظرة بين الشافعي وإسحاق في جلود الميتة إذا دبغت هل تطهر أو لا؟ قال الشافعي: دباغها طهورها. فقال إسحاق:
ما الدليل؟ فقال: حديث ابن عباس عن ابن ميمونة: هلا انتفعتم بجلدها؟
يعني الشاة الميتة. فقال إسحاق: حديث ابن حكيم كتبه إلينا النبي (عليه السلام) قبل موته بشهر: " لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب " أشبه أن يكون ناسخا لحديث ابن ميمونة؛ لأنه قبل موته بشهر. فقال الشافعي: هذا كتاب وذلك سماع، فقال إسحاق: إن النبي (صلى الله عليه وآله) كتب إلى كسرى وقيصر وكان حجة عليهم.
فسكت الشافعي (1).
وحيث يروي المكتوب إليه ما رواه بالكتابة يقول فيها: " كتب إلي فلان " أو " حدثنا فلان " أو " أخبرنا كتابة " أو " مكاتبة " لا مجردا عن القيد ليتميز عن السماع وما في معناه. والقول بجواز الإطلاق ضعيف؛ لمكان التدليس.
وسادسها: الإعلام، وهو أن يعلم الشيخ طالب الحديث أن هذا الكتاب أو الحديث روايته أو سماعه عن فلان مقتصرا عليه.
[حكم الرواية بالإعلام] وفي جواز الرواية به قولان:
أحدهما: الجواز؛ تنزيلا له منزلة القراءة على الشيخ، فإنه إذا قرء عليه شيئا من حديثه وأقر بأنه روايته من فلان، جاز له أن يرويه عنه وإن لم يسمعه من لفظه ولم يقل له: اروه عني؛ وتنزيلا له منزلة من سمع غيره يقرأ بشيء فله