فقطع يديك ورجليك ولسانك؟ " قلت: يا أمير المؤمنين (عليه السلام)، آخر ذلك إلى الجنة؟ فقال: " يا رشيد، أنت معي في الدنيا والآخرة " قالت: فوالله ما ذهبت الأيام حتى أرسل إليه عبيد الله بن زياد دعي بني أمية فدعاه إلى البراءة من أمير المؤمنين (عليه السلام) فأبى أن يبرأ منه، فقال له الدعي: فبأي ميتة قال لك تموت؟
فقال له: أخبرني خليلي أنك تدعوني إلى البراءة منه فلا أبرأ منه، فتقدمني فتقطع يدي ورجلي ولساني، فقال: لا كذلك قوله فيك، فقدموه فاقطعوا يديه ورجليه واتركوا لسانه، ففعلوا ذلك به، فقلت: يا أبه! هل تجد ألما لما أصابك؟ فقال: يا بنية، إلا كالرخام بين الناس. فلما احتملناه وأخرجناه من القصر اجتمع الناس حوله. فقال: ائتوني بصحيفة ودوات أكتب لكم ما يكون إلى يوم الساعة. فأرسل إليه الحجام حتى يقطع لسانه فمات (رحمه الله) في ليلته.
قال: وكان أمير المؤمنين يسميه رشيد البلايا، وكان قد ألقى عليه علم البلايا والمنايا، وكان في حياته إذا القي الرجل قال له: فلان، أنت تموت بميتة كذا، وتقتل أنت يا فلان، بقتلة كذا، فيكون كما يقول رشيد، وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) (1) يقول: " أنت رشيد البلايا " أي تقتل بهذه القتلة، فكان كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام).
وأنت خبير بضعف هذا الوجه؛ لعدم دلالة الرواية الأولى على موته في زمان مولانا الصادق (عليه السلام) بواحد من الدلالات، فكما تصلح لذلك تصلح لأن يكون إخبار إسحاق بتلك الواقعة لعلي بن إسماعيل بن عمار - الذي هو ابن أخيه على الظاهر - في أيام مولانا الكاظم (عليه السلام)، أو في أيام مولانا الصادق (عليه السلام) على فرض ثبوت كون علي من أصحابه (عليه السلام)، مضافا إلى ما عرفت سابقا من أن عمار الساباطي لم يذكروا له إلا أخوين، وأما الأولاد فلا، بخلاف ابن حيان، وكلتا الروايتين متفقة الدلالة على أن ابن عمار فيهما شخص واحد. (2)