والمراد من أخذ قيد الكثرة أن لها لابد أن يكون مدخلية في إفادة العلم، فدخل في المتواتر ما كانت الكثرة فيه علة تامة لحصول العلم أو جزء علة كما لو انضمت معها القرائن الداخلية، وخرج منه ما كانت العلة التامة فيه هي القرائن.
وإلا فآحاد؛ فمثل حديث " إنما الأعمال بالنيات " (1) آحاد؛ لما اشتهر بين المحدثين من أنه مما تفرد بروايته من النبي عمر، وإن كان قد خطب به على المنبر فلم ينكر عليه، ثم تفرد به عنه علقمة، ثم تفرد به عن علقمة محمد بن إبراهيم، ثم تفرد به يحيى بن سعيد عن محمد، ثم قيل: إنه رواه عن يحيى بن سعيد أكثر من مائة نفس، بل عن أبي إسماعيل الهروي أنه قال: كتبته من سبعمائة طريق عن يحيى بن سعيد.
وعن بعض المتأخرين أن هذا الحديث روي أيضا عن أمير المؤمنين (عليه السلام) وأبي سعيد الخدري وأنس في الطبقة الأولى. وعلى هذه الحكاية أيضا لا يخرج من الآحاد.
ومثل حديث: " من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار " لعله متواتر؛ لنقله عن النبي الجم الغفير من الصحابة وهم أربعون على نقل، واثنان وستون على آخر، ولم يزل العدد في الزيادة في الطبقات اللاحقة بمعنى أن هذا الحديث من المتواتر عند من اطلع على هذه الطرق المتكثرة في الطرفين والأوساط.
فعلى هذا كل أخبارنا في الفرعيات أو جلها آحاد، وإن كان يحتمل أن يكون جلها من المتواترات عند مؤلفي كتب أخبارنا. وما أنكرنا تحققه في أخبارنا إنما هو التواتر اللفظي، وأما التواتر المعنوي ففي غاية الكثرة في أصول الشرائع.
ثم الخبر الواحد إن زادت رواته عن ثلاثة في كل مرتبة أو زادت عن اثنين