ومنها: أن الظاهر من الرواية الثانية أن تلك الواقعة إنما كانت قبل دخوله (عليه السلام) في حبس هارون، والظاهر منها أيضا عدم مكثه بعد ذلك المجلس إلا يسيرا، فهو يغاير ابن عمار الحاكي لبعض أحوال الكاظم (عليه السلام) في السجن من دخول أبي يوسف ومحمد بن الحسن صاحبي أبي حنيفة عليه وإخباره عن موت الموكل عليه في ليلته. (1) وضعف هذا الوجه أيضا واضح؛ لعدم المنافاة بين كون الشخصين شخصا واحدا؛ لأن مدلول الرواية الأولى أن مكث إسحاق بعد الحكاية لم يكن إلا يسيرا، وأين ذلك من عدم إمكان حكايته حالة الحبس، أو كونه مستبعدا؟
نعم، لو كان مفاد الأولى موت ابن عمار قبل دخول الحبس، لا تضحت المنافاة، بل لو كان مدلولها ذلك أيضا يمكن منع المنافاة؛ لما رواه الصدوق في العيون من أن هارون حبسه (عليه السلام) أولا فدعا عليه فرأى في المنام أسود بيده سيف يقول: أطلق عن موسى بن جعفر (عليه السلام) وإلا ضربتك بسيفي فخاف وأطلقه. وكان يدخل عليه في كل خميس كريما شريفا إلى أن حبسه ثانيا فلم يطلق عنه حتى سلمه إلى سندي بن شاهك وقتله بالسم. (2) فيمكن أن يكون حكاية إسحاق في الحبس أولا وموته قبل الحبس ثانيا.
ومنها: أن يعقوب بن يزيد قد يروي عن إسحاق بن عمار بلا واسطة، فهو يغاير من يروي عنه بثلاث وسائط كما في بعض أخبار التهذيب في باب الزيادات من الحدود. (3) وأيضا قد يروي إسحاق عن أبي جعفر (عليه السلام) بثلاث وسائط كما في الباب الثامن