الفوائد الرجالية - السيد بحر العلوم - ج ١ - الصفحة ٤٣٨
وانما لقب أبوه محمد ب (العابد) لكثرة عبادته وصومه وصلاته - كما ذكره المفيد، طاب ثراه - في (الارشاد) وغيره (1)
(١) راجع: إرشاد المفيد - في باب أولاد موسى بن جعفر عليه السلام - وكشف الغمة للأربلي ٣ / ٢٦، طبع إيران الجديد سنة ١٣٨١ ه ومراد سيدنا - قدس سره - ان المفيد في الارشاد ذكر كثرة عبادته لا أنه قال: إن ذلك كان سبب تلقيبه ب (العابد). وكذا الأربلي في كشف الغمة، راجع الكتابين المذكورين، اما سبب تلقيب إبراهيم بالمجاب فيقال: انه سلم على الحسين عليه السلام فأجيب من القبر، والله اعلم.
وإبراهيم المجاب كان يسكن الكوفة ثم جاور الحائر مع ولده فمات بها، ويعرف بإبراهيم الضرير.
وآل إبراهيم - هذا -: هم أول من سكنوا (الحائر) بعد أبيهم ولم يسكن أحد منهم بالحائر قبلهم من العلويين، فان علماء النسب ينسبون ابنه محمد بالحائري.
ودفن إبراهيم المجاب في الزاوية الشمالية الغربية من الرواق، وهو معروف بقبره، وعليه ضريح لطيف الصنع، يزوره الشيعة ويتبركون به وهذا هو المتفق عليه بين أرباب النسب والتاريخ، ذكر ذلك سيدنا الحجة المحقق السيد الحسن صدر الدين الكاظمي - رحمه الله - في كتابه (نزهة اهل الحرمين في عمارة المشهدين) - المخطوط - ثم قال - رحمه الله -:
" وقد رأيت في بعض المشجرات في النسب تلقيب إبراهيم الصغير ابن الإمام موسى الكاظم عليه السلام ب (المجاب) أيضا "، وكذلك ذكر السيد ضامن ابن شدقم الحسيني المدني في كتابه (تحفة الأزهار) المخطوط فإنه لقبه بالمجاب وبالمرتضى، وانه صاحب أبي السرايا، وانه توفى ببغداد ودفن بمقابر قريش، وقال: العقب منه في رجلين، موسى أبي سبحة، وجعفر.
اما قبر محمد العابد - والد إبراهيم المجاب - فهو في (شيراز) في محلة (بإزار مرغ) - اليوم - كما دفن أخوه احمد المعروف ب (شاه جراغ) في تلك المحلة، وبين قبريهما مسافة لا تقل عن مائة ذراع، وقبراهما - اليوم - مزاران مشهوران يتبرك بهما الزائرون من الشيعة، وأحمد بن موسى عليه السلام ستأتي ترجمته من سيدنا - رحمه الله -.
قال العلامة المحدث السيد نعمة الله الجزائري في (الأنوار النعمانية:
ص ١٢٧) طبع إيران - بعد ترجمتهما - " وهما مدفونان في شيراز والشيعة تتبرك بقبريهما. وتكثر زيارتهما، وقد زرنا هما كثيرا ".
وترجم له أبو علي الحائري في (منتهى المقال) وقال - نقلا عن حمد الله المستوفى في نزهة القلوب - " إنه مدفون - كأخيه شاه جراغ - في شيراز ".
وذكره أيضا سيدنا الجليل الحجة السيد جعفر آل بحر العلوم - رحمه الله - في تحفة العالم: (ج ٢ ص ٣١) فقال: "... يقال إنه في أيام الخلفاء العباسية دخل شيراز واختفى بمكان. ومن أجرة كتابة القرآن أعتق الف نسمة... وكيف كان فمرقده في شيراز معروف بعد أن كان مخفيا إلى زمان أتابك بن سعد بن زنكي (المتوفى سنة 659 ه) فبنى له قبة في محلة (باغ قتلغ) وقد جدد بناؤه مرات عديدة، منها في زمان السلطان نادر خان، وفى سنة 1296 ه - رمثه (أي أصلحه) النواب أويس ميرزا ابن النواب الأعظم العالم الفاضل شاه زادة فرهاد ميرزا القاجاري ".
وذكره أيضا الفاضل السيد ميرزا محمد نصير الحسيني الشهير ب (ميرزا فرصت) المتوفى سنة 1339 ه، في كتابه (آثار عجم) أو (شيرازنامة) - وهو كتاب فارسي في تواريخ فارس وآثارها العجيبة، فرغ من تأليفه سنة 1313 ه، وطبع في بمبئ سنة 1314 ه - قال في (ص 448) - بعد أن ذكر بعض أحواله - ما تعريبه: "... وفي عهد الخلفاء جاء إلى شيراز واختفى فيه... وعلى كل حال فبقعته المنورة مطاف ومزار ومحل الفيوضات، وكثير من السادات والأخيار والصلحاء والأبرار مدفون في جوار قبره "، وذكره أيضا حمد الله المستوفي القزويني المتوفى سنة 750 في (نزهة القلوب: ص 138) طبع إيران سنة 1336 ه، فقال ما ترجمته:
"... وفى شيراز مزارات متبركة لأولاد الأئمة مثل مزار محمد، واحمد - ابني موسى الكاظم - رضي الله عنهم، ومزار الشيخ أبى عبد الله الخفيف هي التي عمرها أتابك الزنكي السلغري، ووقف لها وقفا معينا، ورممها الشيخ بهلول ".
ولكن ابن بطوطة الرحالة المتوفى سنة 779 ه - الذي زار شيراز مرتين في سنة 727 و 748. لم يتعرض لقبر محمد العابد حين دخوله إلى شيراز ولم يصف إلا قبر أخيه أحمد بن موسى، ولعله لم تكن في ذلك التاريخ آثار لقبر محمد العابد (انظر رحلة ابن بطوطة: ج 1 ص 133) طبع مصر سنة 1322 ه تحت عنوان (ذكر بعض المشاهد بشيراز)، وقد كان ابتداء رحلته سنة 725 ه كما (في ص 4) واناهاؤها سنة 754 كما في (ص 206 ولكن الضي عرغناه من عبارة صاحب (نزهة القلوب ص 138) _ المذكورة آنفا _: إن أتابك الزنكي عمره؛ ووقف له وقفا معينا.
ووفاة أتابك الزنكي سنة 659 ه؛ فكان القبر في التاريخ المذكور ظاهرا مشهورا؛ ولم يذكر لنا الوؤرخون أنه هدم بعد ذلك ومحيت آثاره حتى لم يجده الوؤرخ الرحالة ابن بطوطة في سنة زيارته لشيراز. ولم يذكر عنه شيئا؛ فلاحظ ذلك.
وقد ذكر محمد العابد _ أيضا _ الخوانساري صاحب روضات الجنات (ج 1 ص 97) الطبعة الجديدة سنة 1382 ه؛ انظرها وانظر هامش الصفحة المذكورة للعلامة المحقق السيد محمد علي (الروضاتي) وفقه الله وذكره أيضا (الروضاتي) المذكور في كتابه (جامع الأنساب) ج 1 ص 108؛ طبع أصفهان سنة 1376 ه _ بعد أن ذكر أن قبر محمد بن موسى عليه السلام في شيراز في محلة (بإزار مرغ) معروف ومشهور _ قال: إن معين الدين أبا القاسم جنيد الشيرازي ذكره في كتابه " شد الأزار عن خط الأوزار في زوار المزار؛ ص 209 " فقال: "... السيد محمد بن موسى؛ يقال أنه أخوه (يعني أخو أحمد بن موسى عليه السلام) وهو مزار متبرك يسكن فيه السادة الأخيار؛ والصلحاء الأبرار؛ يعقد له النذور؛ وفيه لرجال الغيب حصور وحبور؛ وتاريخه يعلم من تاريخ أخيه؛ من يتتبعه؛ رحمة الله عليهم " وقال (الروضاتي) المذكور في هامش (ص 75): " إن كانت (شد الأزار) ألفه مؤلفه المذكور سنة 791 ه؛ وحققه العلامة المؤرخ المحقق الميرزا محمد خان القزويني المولود سنة 1294 ه والمتوفى سنة 1368 ه وعلق عليه الميرزا عباس خان اقبال الآشتياني المولود سنة 1314 ه - والمتوفى سنة 1375 ه، وطبع في طهران سنة 1368 ه.
وذكر محمد العابد وولده إبراهيم المجاب - أيضا - السيد ضامن بن شدقم الحسيني المدني الذي كان حيا سنة 1088 كما يظهر ذلك عند ذكره لجعفر الحجة - قال في (تحفة الأزهار) المخطوط: " محمد العابد خلف ابنين: تاج الدين ابا محمد إبراهيم الضرير - يعرف بالمجاب - وأبا جعفر محمد الزاهد، والسبب في تلقيبه بالمجاب (قيل) انه قصد زائرا قبر جده أمير المؤمنين عليه السلام، فأجابه الامام من الضريح (وقيل) غير ذلك ويقال لولده: (آل الحائر)... ". وذكر محمد العابد وولده إبراهيم المجاب في أكثر كتب الأنساب، فراجعها.