أصول الفقه - الشيخ محمد رضا المظفر - ج ٤ - الصفحة ٣٠٠
الاستصحاب - كما سيأتي - فموردها يكون حينئذ خصوص الشبهة الموضوعية، فيقال حينئذ: لا يستكشف من إطلاق الجواب عموم القاعدة للشبهة الحكمية الذي يهمنا بالدرجة الأولى إثباته، إذ يكون المورد من قبيل القدر المتيقن في مقام التخاطب، وقد تقدم في الجزء الأول (1) أن ذلك يمنع من التمسك بالإطلاق وإن لم يكن صالحا للقرينية، لما هو المعروف أن المورد لا يخصص العام ولا يقيد المطلق.
نعم، قد يقال في الجواب: إن كلمة " أبدا " لها من قوة الدلالة على العموم والإطلاق مالا يحد منها القدر المتيقن في مقام التخاطب، فهي تعطي في ظهورها القوي أن كل يقين مهما كان متعلقه وفي أي مورد كان لا ينقض بالشك أبدا.
الثاني في دلالتها على الاستصحاب:
وتقريب الاستدلال بها: أن قوله (عليه السلام): " فإنه على يقين من وضوئه " جملة خبرية هي جواب الشرط (2) ومعنى هذه الجملة الشرطية: أنه إن لم يستيقن بأنه قد نام فإنه باق على يقين من وضوئه، أي أنه لم يحصل

(١) راجع ص ٢٤٠.
بنى الشيخ الأنصاري - ومن حذا حذوه - الاستدلال بهذه الصحيحة على أن جواب الشرط محذوف وأن قوله: " فإنه على يقين من وضوئه " علة للجواب قامت مقامه. وقال: " وجعله نفس الجزاء يحتاج إلى تكلف ".
فيكون معنى الرواية على قوله: " إن لم يستيقن أنه قد نام فلا يجب عليه الوضوء، لأ أنه على يقين من وضوئه في السابق " فحذف " فلا يجب عليه الوضوء " وأقام العلة مقامه.
وهذا الوجه الذي ذكره وإن كان وجيها، ولكن الحذف خلاف الأصل ولا موجب له، ولا تكلف في جعل الموجود نفس الجزاء على ما بيناه في المتن. ولا يتوقف الاستدلال بالصحيحة على هذا الوجه ولا على ذلك الوجه ولا على أي وجه آخر ذكروه. فإن المقصود منها في بيان قاعدة الاستصحاب مفهوم واضح يحصل في جميع هذه الوجوه.
(٣٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 305 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة