القرآن وإعجازه العلمي - محمد اسماعيل إبراهيم - الصفحة ١٥٨
وقت نزول القرآن، ولكن لما اشتغل علماء الاحياء حديثا بدراسة الحشرات ووضعوا في دراستها علما قائما بذاته تبينت لهم حقائق مذهلة عن حياة الحشرات التي تبلغ مئات الآلاف في أنواعها، وأن كل نوع منها يتميز بأشكاله وأحجامه وألوانه وطبائعه وغرائزه المميزة لكل نوع منها عما سواه، وقد دلت الدراسة المستفيضة للحشرات أن بعضها له حياة اجتماعية ذات نظم ومبادئ وقوانين تلتزم بها في إعداد مساكنها والحصول على أقواتها والدفاع عن نفسها والتعاون فيما بينها بصورة تدهش العقول وذلك بإلهام من خالقها الذي يجعلها تبدو وكأنها أمم لها كيان ونظام وعمران.
ومن دراسة حياة العناكب لاحظ العلماء أن بيت العنكبوت له شكل هندسي خاص دقيق الصنع ومقام في مكان مختار له في الزوايا أو بين غصون الأشجار وأن كل خيط من الخيوط المبنى منها البيت مكون من أربعة خيوط أدق منه، ويخرج كل خيط من الخيوط الأربعة من قناة خاصة في جسم العنكبوت، ولا يقتصر بيت العنكبوت على أنه مأوى يسكن فيه بل هو في نفس الوقت مصيدة تقع في بعض حبائلها اللزجة الحشرات الطائرة مثل الذباب وغيره لتكون فريسة يتغذى عليها، وإنه لمنظر يثير الدهشة حقا عندما يرى الانسان هذه الحشرة الرقيقة تتحرك بأرجلها الدقيقة بسرعة بين خيوط بيتها الواهي لتمسك بفرائسها، فسبحان الله الذي خلق كل شئ وقدر كيانه تقديرا وألهمه حياته تنظيما وتدبيرا ومع أن عالم الحشرات من العوالم المحجبة بأسرارها عنا ولا يعلم بعض خفاياها إلا الدارسون لها إلا أن القرآن الكريم اهتم بأمرها وسمى بعض سوره بأسماء حشرات منها مثل سورة النمل وسورة النحل وسورة العنكبوت ليلفت أنظارنا إلى قدرة خالقنا القدير وحكمة ربنا الحكيم وإحاطة ربنا العليم بعالمها، والله سبحانه لم يخلقها عبثا بل له حكمة عليا في النافع منها والضار وفى الظاهر منها والخفي، أنه سبحانه الذي أتقن كل شئ خلقه وله في كل شئ آية تدل على أنه الواحد.
(١٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 ... » »»
الفهرست