القرآن وإعجازه العلمي - محمد اسماعيل إبراهيم - الصفحة ١٥٦
كما شوهد في مختلف بيئاته يقوم بمشروعات جماعية مثل مد الطرق وإقامة الجسور وبناء مستعمراته، ولا يمكن أن يتم التعاون على إنجاز هذه الأعمال إلا بالتفاهم بلغة متداولة بينها، وكل الذين درسوا حياة النمل وشاهدوا ما عليه حياة النمل من النظام الدقيق في بناء مساكنها وما عليه أفرادها من الذكاء والدهاء وسعة الحيلة وحب العمل والدأب الذي لا يعرف الكلل، ثم إن النمل هو الوحيد الذي يتلاقى في مجتمعات للتعارف وتبادل المنافع، كما أنه هو الوحيد من بين سائر الحشرات الذي يهتم بدفن موتاه وغير ذلك مما يدل على حياة منتظمة حية نشطة لها كيان ودستور يحكمها في كل سلوكها.
وقد أدهشتني هذه المعلومات الرائعة عن حياة النمل والنحل التي قرأتها في بعض المؤلفات فدعاني ذلك أن أنوه بشأنها في كتابي (مع الله) في باب قدرة الله تعالى فقلت بأسلوب الشعر المنثور أي الشعر الحر ما يأتي:
إنها دول يدهشك نظمها ويروعك منها قيام الحياة فيها بالقسط والميزان فلا شئ في مجتمعها يدل على مظاهر الأثرة أو الجشع أو الفقر أو الحرمان وتعجب إذا رأيت أن دستورها الملهم لها يسوده التعاون فلا أثرة ولا طغيان ولكل فرد من أفرادها عمل معين يتفرغ له ولكل حقه من الخير والأمان فالملكة في مقصورتها موضع احترام وعليها أن تبيض بما فيه الكفاية من السكان وحولها الشغالات تعمل بجد وتنقل البيض بكل عناية إلى موضع التفريخ والحضان فإذا ما خرجت الحوريات من بيضها تعهدتها بالرعاية أيدي المربيات والقيان ولكل منها قرى محصنة بأقوى المباني المؤسسة على أمتن القوائم والجدران وفيها جنود بواسل على أهبة الاستعداد دائما للنجدة وصد المغير على الأوطان جنود لهم رؤوس مخيفة المنظر ولها فكوك كأنها مخالب السباع أو السنان وما داهم طارق حماهم بشر إلا برزت جموع إثر جموع مستعدة للنزال والطعان وتحولت الشغالات إلى جنود تدافع عن العجائز والمرضى وتحمي صغار الولدان
(١٥٦)
مفاتيح البحث: الإقامة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 ... » »»
الفهرست